تقرير: قطع المرتبات يدفع نساءً لامتهان التسوّل

مثلما فتحت الحرب وانقطاع صرف رواتب الموظفين مهنًا جديدة أمام بعض النساء، فقد دفعت هذه الظروف نسوة أخريات إلى آليات التأقلم السلبية بما في ذلك الاستدانة والتسول والدعارة، هكذا يستنتج تقرير ميداني (بحثي) حديث لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حول تأثير الحرب على الاقتصاد وعمالة المرأة تحديداً.

ويشير التقرير إلى أنه كان لتحديات سوق العمل المدفوعة بالنزاع آثار متعددة الأوجه على النساء، فقد أثّرت الحرب على النساء في القوى العاملة أكثر من الرجال، موضحاً أنه في عام 2015، انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11%، بينما انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28%.

وحسب التقرير فقد تتفاوت هذه الأرقام على الصعيد المحلي، فبينما انخفضت عمالة النساء في صنعاء بنسبة 43%، بسبب تضرر القطاع الخاص بشدة، ارتفع فعلاً عدد النساء العاملات في عدن بنسبة 11%.

وفي عام 2015، استنتج التقرير أن الشركات المملوكة للنساء كانت أكثر تضرراً من الشركات المملوكة للذكور، بالرغم من أن عدد الشركات المتضررة فعلاً أقل بكثير، حيث إنها كانت تمثل 4% فقط من جميع الشركات قبل النزاع، في حين أن 26% من الشركات في قطاعات التجارة والخدمات والصناعة قد أغلقت بحلول عام 2015، وحسب التقرير فقد ارتفع هذا المعدل إلى 42% بين الشركات المملوكة للنساء، وعادة بسبب الأضرار المادية، إضافة لفقدان رأس المال ونقص الكهرباء والوقود، وحسب مضامين تقرير “مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية” فقد وجدت صاحبات المشاريع صعوبة أكبر من نظرائهن الذكور في الوصول إلى الحسابات المصرفية بالدولار، وذلك وفقاً لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

إنتاج الطعام وبيع الملابس عبر الانترنت

وأثّر تعليق رواتب الخدمة المدنية في سبتمبر/ أيلول 2016 على سبل عيش الموظفين المدنيين، وكذلك الملايين من اليمنيين المعتمد عليهم كمعيلين، في حين واصل بعض موظفي الخدمة المدنية العمل، ولكن دون أجر منتظم، وتم دفع آخرين إلى مهن أخرى، وأبلغت نساء يمنيات عن حالات لممرضات ومعلمات أصبحن يعملن الآن في خياطة الملابس وتصفيف الشعر.

وحسب التقرير فقد قادت الحاجة المادية عدداً متزايداً من النساء إلى بدء مشروعات جديدة، غالباً ما تكون أعمالاً منزلية مثل إنتاج الطعام في المنزل لبيعه، أو بيع الملابس والإكسسوارات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

ولفت التقرير إلى دخول النساء إلى مهن كانت مغلقة أمامهن نظراً للقيود الثقافية، مثل: العمل كنادلة أو بائعة تجزئة، بالرغم من التباين المناطقي لذلك حتى داخل المحافظات، ففي تعز، وبينما دخلت بعض النساء سوق العمل لأول مرة أثناء النزاع، كشفت بعض الأبحاث أن وجود جماعات إسلامية متشددة قد حد من قدرة النساء على الحركة وأدى إلى فقدانهن وظائفهن.وأكد التقرير توظيف بعض النساء لدى قوات الأمن لأطراف النزاع، فتم تجنيد النساء في قوات المقاومة الشعبية بتعز، حيث شغلن نقاط تفتيش وشاركن في مداهمات منزلية، وانضممن إلى “الزينبيات”، الميليشيات النسائية للحوثيين.

إجبار النساء على أعمال شاقة بأجور متدنية

وأشار التقرير إلى ارتفاع زواج الأطفال بشكل هائل خلال النزاع، حيث لجأت الأسر إلى تزويج بناتهن في وقت مبكر لتأمين مدفوعات المهر وعدم تكلف الاعتناء بهن، منوهاً كذلك إلى ارتفاع معدل العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة 63%، وفي بعض المناطق، أدى القتال إلى جعل النساء أقل قدرة على مغادرة المنزل بسبب المخاوف الأمنية..

وحسب التقرير فقد أُجبرت بعض النساء على الأعمال الشاقة غير الرسمية ذات الأجور المتدنية، كتنظيف المنازل، وجمع الحطب وغسيل الملابس.ومع ذلك ذكر التقرير إشارة بعض الأبحاث إلى أن مشاركة المرأة المتزايدة في القوى العاملة كان لها آثار إيجابية، كزيادة دور المرأة في اتخاذ القرار الأسري مثلاً، ونقل التقرير عن نساء قولهن: “في بعض الأسر التي بدأت النساء فيهن بكسب الدخل وإدارة الأسرة، تحمل الرجال مسؤوليات النساء التقليدية كالطهي ورعاية الأطفال وجلب المياه”، مما أدى إلى إعادة تقييم الأدوار بين الرجل والمرأة.وفي حين اعتبر التقرير ذلك إشارة إلى حدوث تغيير كبير في مجتمع ذكوري بشدة، استنتج أن ذلك أدى أيضاً إلى زيادة النزاع المنزلي، بما في ذلك التعنيف اللفظي والجسدي للنساء والأطفال.

وقال التقرير: “علاوة على ذلك، أفادت معلومات من نساء ورجال أن النزاع قد أثر سلباً على العلاقات الزوجية، بسبب إحباط الرجال لفقدانهم دور المعيل في بعض الحالات، وفي حالات أخرى لأن النساء حُبسن في المنزل بسبب تدهور الوضع الأمني، مما جعلهن أكثر اعتماداً على أزواجهن”.

اترك تعليقاً