عذاب الحكومتين

بقلم / وسام الجيلاني

إن من العادات العقيمة الحاصلة في أوساط الأحزاب ومن يدعون الكمال، أنهم يوهمون أنفسهم وأتباعهم والطاقات البشرية بكلام معسول على شفرة السكين، خطابات تتلو خطابات وشعارات تؤكد شعارات وفي النهاية لا وطن يبقى ولا شباب يسلم من فناء، كأنهم معول لحفر المقابر ليس إلا.. يدٌ تلوح بالسلام مجرد التلويح ويدٌ تحفر في الأرض قبراً.

بمنتهى الفضاعة فهناك مايؤسفنا قوله حيال الشعارات البراقة شكلا لا مضمونا، مايؤلمنا حيال الابتزاز اللغوي للعقل وما تعمله هذه الشعارات والخطابات القاتلة لنفسها ولغيرها من تجهم بحق العقل وتكهن بحق المدنية، لايمكن أن نتصور إلى أي مدى يمكن أن توصلنا بعضاً من هذه الخزعبلات اللامنطقية الخارجة عن حدود العقل السالكة دروب المهالك بعماد الدولة (الشباب) وبالدولة ذاتها، فالشباب سنامُ دولتنا وبهم تتقوى روابط وأواصر الدولة، وبهم نصل إلى مالا يمكن تخيله، وذلك بتوجيههم التوجيه الصحيح ومخاطبتهم بالعقل والنظر لهم من نافذة المصداقية ومروراً بتطويرهم وإعدادهم الإعداد السليم الذي لايتنافى مع العقل، لا بالكذب والدجل والتحريض.

لا بأس، فإنها ليست المرة الاولى التي اعتقدنا فيها أن الأمور سوف تتحسن، فلقد رأينا العجب العجاب خلال الأعوام المنصرمة ومانشاهده في أيامنا الحالية من تصعيدات وحشود وجذب للطاقات البشرية والشباب إلى الجبهات من قبل الحكومتين ، ظاهر هذه الخطابات الألفة وباطنها العنصرية والمصلحة الذاتية، ليس إلا، ناهيك عما وصلنا إليه من تردي الأوضاع الأقتصادية، من فقر مدقع وجوع فاحش.

‏إننا لن نستعيد أمجادنا، ولن نصل إلى مبلغ أحلامنا ما لم نُعط أنفسنا كامل المصداقية، ونتكلم بالوعي التام الذي يتقبله العقل وتتصف به الدولة ومشروعها المدني الخالي من العنصرية والعنف القائم على مبدأ “عقلك سيد أفكارك” وإلّا بربّكم كيف سنكمل طريقنا ومشروعنا المدني ؟ أليس من القوة أن نكمله ونحن في كامل مصداقية وأتم وعي، غير ذلك سوف نتعب من فرط النضال، وسنكون خاوين على أفكار غيرنا الرثة، التي تأبى إلا العنصرية والتحيز.

(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)