الشيخ محسن بن علي معيلي أمير سبأ قائد الحرب وبطل السلام

بقلم المهندس/ حسين بن سعد العبيدي

عندما نتحدث عن أقيال سبأ وحمير وعن التبابعة الأبطال وعن المعابد والسدود السبأية العظيمة وعن القصور الشاهقة في العلالي لأبد ان يزاحم ذلك تاريخ متفرد بأحد أمراء سبأ المخضرمين ذلك هو البطل الشيخ/ محسن بن علي بن معيلي سيد أبناء سبأ وأمير قبائلها الشجعان.

فهذا الرجل الذي أفتقده الوطن والقبيلة معآ، كان أحد رموز العظمة والكبرياء في هذا الزمن الغابر، ولكنك عندما تسمع أحاديث الناس حول شخصيته تظن أنه أحد الشيوخ الذي يجلس في حضرة ملوك سبأ وهو الذي يردد (نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ) , غير أن هذا الرجل انسان يمني معاصر من قبيلة “عبيدة” التي تنتسب الي قحطان ذات الأصول الضاربة في القدم, والتي قدر الله لها أولئك النفر من الرجال المتميزين من أمثال الشيخ محسن الذي أعطاه الله الحكمة وفصل الخطاب ورجاحة العقل فقدم خلاصة حكمته الي ابناء سبأ وحمى ابناء عشيرته من الدخول في النزاعات التي سادت المنطقة الشرقية وظهر دوره الوطني البارز أثناء الصراعات الشطرية من خلال حماية حدود اليمن الشمالية والشمالية الشرقية ودافع عنها دفاع الأبطال رافضاً الإغراءات المالية والاجتماعية والعروض وكان حليفه النصر دائماً, لأنه أعتاد القول الصارم والأنف الحمي.

وفوق هذا كله كان رحمه الله يرفض الحدود الشطرية بين اليمنيين, ويرفض الإملاء السياسي علي فصيل من فصائل الوطن أو القبائل حتي بدأت تباشير الوحدة وكان من أول الداعمين لها، حيث كان تحركه الشعبي الي المحافظات الجنوبية يؤازر الوحدويين ويرفع من معنوياتهم حتى أن قيادات الشطرين قبل الوحدة كانت تقطع المسافات للوصول اليه باعتباره رقماً صعباً وعاملاً مؤثراً في أي توجه وطني أو إقليمي بحكم موقع القبيلة الاستراتيجي ومكانة هذا الفارس البطل داخل محيطه القبلي والسياسي.

ولولا صلابة مواقف هذا الرجل وانتمائه العميق الي اليمن لكانت منطقة مأرب الآن جزءاً مبتوراً عن قلب الوطن أو لكانت بادية من البوادي النائية يخيم عليها الجهل والمرض، ألا أنه ومنذ بداية مسيرته الوطنية أشاع في ابناء قومه روح المدنية والرغبة في التحضر والإنفتاح علي الأخر والتنمية الوطنية مع الحفاظ على موروث القبيلة وعاداتها السامية حتى تمكنت من تحقيق رصيد تنموي منشود في وقت قياسي ومنع المخربون والمتسيسون والجماعات المتطرفة من عرقلة مسيرة التنمية بمأرب وساعد القيادات الوطنية والمحلية في تنفيذ الخطط الأنمائية والأقتصادية وأستقبلت محافظة مأرب مئات الألاف من العمال والمزارعين والكوادر الحكومية من خارج المحافظة وخبراء الشركات العالمية وخبراء السياحة والأثار حتى أصبحت المحافظة مصدراً أساسياً في ميزانية الخير والعطاء في الميزانية للجمهورية اليمنية..

لم يدخر الشيخ محسن بن معيلي جهداً ولا وقتاً نحو ابناء وطنه حتى جاءت الحزبية وبدأت تسلب من سلطات القبيلة الغنية والقوية ورغم هذا فقد ظل بمثابة ميزاناً للوفاق السياسي داخل أقليم سبأ وهو يحاول أن يخلق من التنافس الحزبي الحضاري مشروعاً سياسيا في القبيلة. ولولا حنكة هذا الرجل السياسية وبعد نظره العميق لكانت الحزبية شؤماً كبيراً علي القبيلة في بيئة مسلحة ومحافظة, لكنه أستطاع أن يقنع من حوله بحكمته بأن الحزبية ليست سوى ترفاً جديدا يمثل عبئاً على القبيلة ويجب أن تكون أحد الفنون الدخيلة على القبيلة دون أن تكون محوراً مركزياً في شؤونها, ومنع من حدوث أختلال أجتماعي داخل القبيلة بتأثير السياسة والتحزب المعاصر الذي اصبحت مأرب اليوم وبكل أسف تتجه لهذا المسار الخطير.

أخيرا وليس أخيرا.. سيظل الشيخ محسن بن معيلي رحمة الله علية ذلك الرمز القبلي والأنساني ليس فقط على مستوى قبائل اليمن بل على مستوى المنطقة وجزيرة العرب، فكل من سمع به يقدره ويحترمة لمواقفة العربية الأصلية النابعة من روح التسامح والاخاء والنخوة العربية، فإننا نأمل أن تتوقف حملة الاغتيالات للزعماء السياسيين والاجتماعيين في هذا الوطن فإن مخططي ومنفذي هذه الاغتيالات لا يزيدون من رصيدهم بهذه الجرائم بل يخسرون سمعتهم وأخلاقهم وقريبا سيبدأ أبناءهم وأحفادهم بالتنكر لهم بل وسيقومون بفضحهم سواءا في حياتهم او بعد مماتهم.
والله من وراء القصد،،،