المقري صحفي هرب من سجن الحوثيين واعتقل في مأرب

يقبع الصحفي محمد المقري، في سجن الأمن السياسي بمأرب، منذ 16 مارس الفائت، بعد وصوله إلى مأرب هارباً من جماعة الحوثي التي ألقت القبض عليه، في وقت سابق، قبل أن يفر من مناطق سيطرتها بأعجوبة.

وفر المقري إلى منطقة قانية، إحدى مناطق محافظة البيضاء المتاخمة لمحافظة مأرب (شرق البلاد)، قبل وصوله إليها، وهناك استجار بشيخ قبلي، طالباً منه مساعدته في الوصول إلى مأرب التي لم يكن يعرف فيها أحداً، سوى الشيخ فيصل الشعوري، الذي استضافه لشهور.

ولدى وصول المقري إلى مأرب، مكث شهوراً في منزل الشيخ فيصل الشعوري، وظل خائفاً يترقب، لفترة؛ لأسباب يرويها صديقه (الذي طلب عدم ذكر تسمه لدواعٍ أمنية)، مضيفاً أن المقري اعتقل بعدها.
وبحسب حقوقيين، فإن قيادات في جهاز الأمن السياسي بمأرب، بررت اعتقال المقري بأنه هو من سلم نفسه، بعد اعترافه بعلاقته بتنظيم القاعدة، في تهمة لا تتناسق مع ظروف مطاردته واعتقالاته، وفق ما يقولون.

لكن هاجس الخوف سيطر على نفسية المقري، التي تدهورت، معتقداً أن بقاءه في مأرب غير آمن، خصوصاً إذا عرفت القيادات التي سلمته للحوثيين، أنه متواجد هناك، مع وجود أقارب لهم في مأرب.

الهروب من سجن الحوثيين

استطاع المقري، الهروب إلى منطقة قعطبة التي تسيطر عليها المقاومة والجيش الحكومي، والتي ظل فيها لشهور نشب أثناءها خلاف بينه وبين قيادات في الجيش، تعرض بسببها للاحتجاز والتعذيب من قبل قيادات عسكرية، سلمته، لاحقاً، لجماعة الحوثي، في عملية بشعة لم يكن يتوقعها، ليدخل في مرحلة جديدة من المعاناة، وفق ما نقله المقري لصديقه.
وبحسب صديق المقري، فإن القيادات العسكرية التي سلمته للحوثيين، هي نفسها التي سلمت المناطق العسكرية في منطقة العود بمحافظة الضالع (وسط البلاد)، للحوثيين، بعد إقالتها من الرئيس هادي.
ونقل المقري إلى سجن للحوثيين في محافظة البيضاء (عبارة عن مؤسسة حكومية حُوّلت إلى سجن)، وفي أبريل من العام 2018، قُصف هذا السجن، وفر عشرات المعتقلين ليلاً، من ضمنهم المقري.
وفشل الحوثيون في اعتقال المقري، لدى دخولهم إلى مدينة إب (وسط البلاد)، رغم البحث عنه في إطار حملة مضايقة لكل من يرون فيه مخالفاً لهم، كما يقول صديقه، مضيفاً أن المقري، زار محافظة صعدة (شمال البلاد)، معقل الحوثيين، قبل الحرب بشهور، وكتب مواد صحفية ضد جماعة الحوثي، نشرتها صحيفة “أخبار اليوم” الأهلية حينها.

استجداء لم يفلح

تواصل المقري مع نقابة الصحفيين اليمنيين، وأبلغها بقصته هذه، وطلب عدم نشرها لأسباب أمنية، لكنه طلب من مسؤولي النقابة مساعدته في الخروج من اليمن أو الانتقال إلى مكان آمن، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
المقري الذي فارق زوجته بعد شهور من زواجهما، لا يعرف الآن أن زوجته قد توفيت في 26 يونيو الماضي.
وتعرضت زوجة المقري لصدمة عندما داهم مسلحون حوثيون منزلهم في مدينة إب، ودخلت في حالة غيبوبة سكرية، بعد معرفتها أن زوجها الذي انقطعت أخباره لشهور، قد اعتقل في المكان الذي لاذ إليه، ويعاني من حالة صحية سيئة.
وعانى محمد المقري، خلال الشهور الأخيرة، من حالة نفسية، وفكر بالانتحار أكثر من مرة، بسبب الخوف الذي يتملكه، والتجربة المريرة التي عاشها من المطاردة والاعتقال والتعذيب، حسب بعض معارفه.

مرارة الخذلان

وشكا المقري من عدم التعاون معه من قبل منظمات وحقوقيين في مأرب، لأنهم لم يعرفوا قصته الحقيقية، التي أخفاها تفادياً لمخاطر قد تلحق به، خصوصاً وهو لم يفق من صدمة تسليمه من قبل قيادات في الجيش للحوثيين.
نقابة الصحفيين اليمنيين لم تتعامل مع مأساة محمد بالواجب المنتظر منها، واكتفت ببيان صغير، الأسبوع الفائت، تطالب فيه بسرعة الإفراج عن محمد، محملة السلطات الأمنية بمأرب كافة المسؤولية.
ويحتاج محمد المقري اليوم إلى تضامن كبير معه، من قبل المنظمات الحقوقية والدولية والقوى السياسية والحراك المجتمعي، للخروج من محنته، وتوفير الحماية له، لأنه يحمل قصة خيانة كبيرة، هي نفسها قصة خيانة الجيش في منطقتي قعطبة والعود.
“نفقد إنسانيتنا وواجباتنا إن تركناه بمفرده يواجه محنة كبيرة أفقدته الكثير من صحته وأسرته”؛ حسب قول صديقه الذي يطالب الحكومة بالإفراج عنه، ومعالجته في مصحة نفسية، وجبر ضرره.

صلاح الدين نضال

اترك تعليقاً