الحق في أن تكون حرا

بقلم / عبدالمجيد الشاحذي

اخرُجْ عن نص الحرب مستهديا بنصاعة ضميرك وبياض روحك، وتماسكْ قدْر إمكانك وقدْر حاجتك أمام محيطك العابث وحظك السيء، وتجاوز أزمات الجميع وأزماتك بكلمة واحدة: أنا حر.

أنت حر في تفكيرك وفي اختيار طريقة تفكيرك وفي نقدك وفي تطوير ذاتك وفي اختيار مكانك ومكانتك وفي طريقة طرحك وفي طريقة صمتك وفي طريقة حياتك.. وحر في اتخاذ رأيك الحر لقائمة من الأسباب الطبيعية أعلاها أنك إنسان له الحق في اكتناز الرأي وإظهاره، وأنك حر.. حر فقط.

من لم يفهم هذه القاعدة الحياتية لم يفهم نفسه.. لم يدرك بعد أن الحق في أن يكون إنسانا هو أهم حق؛ من أجل أن يكون فردا اجتماعيا، ويكون شخصا مستقلا لا تنغّص عليه المؤثراتُ حياتَه ولا تُملي عليه المحيطاتُ نياتَه.

من لم يقبل بفكرتك الحرة هو لم يقبل بكونك إنسانا ثم لم يقبل بكونك قادرا على التأثير.. لم يُنهِ صراعَه الداخلي مع السلطة السياسية والاجتماعية التي تحكمه، ولم يبدأ مشروعك المستقل الذي بدأته من تلقاء وعيك.. ولم يصل إلى هذه البداية أصلا لأنه لم يصل إلى وعيك.. ولم يدرك حقَّك وحقَّة في امتلاك الحرية.

بينك وبين الحرية والرأي الحر عقدٌ إنساني واجتماعي أشبه بعقد الزواج كما يقول نزار قباني: “تزوجتك أيتها الحرية”.. لك أن تكون رساما مقرونا بفنك أو كاتبا مقرونا بأدبك أو سياسيا مقرونا بوعيك وضميرك أو اجتماعيا مقرونا بفهمك ومحيطك أو حتى رائد فضاء مقرونا بحبك للاكتشاف.. إنه هوس الاكتشاف وتحرير الأخطاء من أخطائها وتصحيح المسارات والتسليم بحسناتها.. أن تدور في فلكك الخاص في عالم يخوض في الحروب ويتأثر بالموت وينصاع لامتيازات المحاربين ويرهق البشرية.

قل كلمتك الحرة وامض في حال سبيلك.. ولا تنتظر من أحد أن يسمعك لأنك ستكون مسموعا في يوم من الأيام، ومن لم يقدّر كلمتك الحرة فهذا لا يعني شيئا سوى أنه لا يقدّر الحرية ولا يسمح بالحرية ولا يجرؤ على الحرية ولا يعطي مساحة للحرية، لا يعني أنك على خطأ.. إنك على حرية.

قل كلمتك في ما يدور من حولك وليس بالضرورة أن تكون خائضا في السياسة.. فالموت الكثير الذي يحدث من حولك ليس سياسة، بل نتيجة مخزية لأخطاء السياسة وانحرافاتها.. لذا فمواجهتك للظروف القائمة ليست إلا إنسانيةً تتحدى السياسيين وفضائحهم، وتتحرر من قيودهم وأغلالهم.. أن تقول “لا” للموت وللحرب وللسياسات وللبشاعات يعني أنك حر تقلب الطاولة على رؤوسهم، وتعيش حرا راضي الضمير.

اخرج عن نص الحرب واكتب سيناريو السلام ومهّد لسطور سلام لعل التاريخ ينصفك وينصف أمثالك.