ديمقراطية ممكنة

بقلم / المرتضى أبوطالب

المشكلة أن الدعوة إلى وجود الديمقراطية أصبحت مشكلة، لكون الديمقراطية في حد ذاتها مشكلة، وكأن كل ما نعيشه اليوم من يُتم وفقر وجوع وتشرد ليس مشكلة، إنما السعي إلى حلها سياسيا من خلال مبدأ الديمقراطية هو المشكلة.

في بلد ضرير أعاقوه وجلدوه ورموه، جاء المتطرفون ينبذون كل مسار ينافي مساراتهم، وسحق حياة المجتمع وإضافة المساحيق على وجوههم، والعمل على تدهور الصحة السياسية وانتزاع صفة الديمقراطية من أساسياتها وأساسيات نظام الحكم، وجعلوا التطرف حُكما وحاكما، ودعوا الله أن يتقبل منهم!

بحث اليمنيون عن علاج لأزماتهم فلم يجدوا سبيلا لأن الطرق سددها المتطرفون “الجماعات السياسية الدينية المتطرفة”.. سددوا منافذ الأكسجين السياسي وجعلونا نتنشق تطرفا ونزفر تطرفا ونتحدث تطرفا ونتقيأ تطرفا، ونغذي أرواحنا بالتطرف كما لو أنها رسالة سامية عادلة يثاب عليها ويُبنى من خلالها.

لهذا لم تعد البيئة لائقة بالديمقراطية وقد أثمر التطرف قيحا وقبحا.. غُيّب المسار الديمقراطي وسلك اليمنيون ظلامهم، وانتصرت الجماعات المتطرفة لعلها تكتب التاريخ.

لكن لا، الأوضاع تحتاج مزيدا من الدقة في تفاصيل هذه البيئة، لأننا سنجدها بيئة مازالت صالحة لبذر بذور الديمقراطية على الأقل اجتماعيا، وسنجد من “القبول بالآخر واحترام الرأي” مسارا مفقودا يمكننا إيجاده والعبور فيه والخلاص منه إلى نهاية لكل هذا الرعب.

توسعت دائرة التطرف وليس علينا إلا الوقوف على حدود هذه الدائرة المغلقة للتضييق عليها ومن ثم تصغيرها إلى درجة التخلص منها بأن تكون لا شيء.. إنه الوعي الذي يجعلنا نتقبل بعضنا البعض راضين مقتنعين، وننتقم من الحرب الكارثية ونثأر لسلامنا الداخلي ونجعل من الديمقراطية علاجا لا مرضا، ترياقا لا سما، وجنة لا نارا.

 (نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)