ما هو بديل الديمقراطية؟!

بقلم / أنور السراجي

عندما تغيب الديمقراطية عن مشهد الشعب والدولة، تزدهر العصبية والكراهية ويترعرع التطرف وتبدأ الفوضى وينزلق المجتمع إلى الظلام والجحيم والصراع ومن أشكاله الحرب بلا شك والعنف بشتى أنواعه السلوكية والنفسية حاضراً ومستقبلا.

فقط انظر لتاريخ نهضات الشعوب والبلدان التي نهجت طريق الحرية والديمقراطية كعملية حضارية سلمية لتبادل السلطة من أعلى منصب حتى الحدود الدنيا وأصبح هذا مقياساً يحتذى به لمعرفة مستوى الوعي والحضارة والإنتاج وبالتالي المكانة الوطنية المتجذرة والمتبادلة في المجتمع والمكانة الدولية في مشهد السباق الحضاري والتكنولوجي والإنساني وانعكاساتهم جميعاً في خدمة النظام والدولة والمجتمع.

نحن في اليمن ما إن تلاشت بوادر الديمقراطية وطرقها حتى دخلنا في نفق مجهول ومظلم برزت فيه ظواهر العنف والتطرف والعصبية السياسية والطائفية والإجتماعية ومن واحدة إلى أخرى كانت النتيجة هي الحرب حيث تتصارع الإيدلوجيات والفوضى والمصالح على مستوى المجتمع والفرد محلياً وإقليمياً ويخبو صوت العقل الجمعي وتسود الظواهر ويكون لسلاح القوة والعنف حضوراً طاغياً يسحق فئة العامة والفئات الحضارية حتى وإن لم يتورط بعضهم في هذا الصراع الذي قام على أنقاض الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وغيرها من المعطيات.

نحن هنا لا ندعي أننا كنا نطبق نظام الديمقراطية كما هو حاصل في دول العالم ولكننا كنا نمارس شيئاً منها كان كافياً لتجنب هذه الحرب التي – مهما كانت وبجميع المقاييس – خلقت بيئة من الديكتاتورية وسياسة الأحادية السلبية بل وظاهرة العداء وتهميش الآخر, والأشد مأساة هو أن المجتمع الدولي لا يزال ملجماً بالصمت أمام كل هذا العنف بحق الإنسان اليمني أياً كان مصدره داخلياً أو خارجياً.

مع كل هذا يجب أن نعي بأن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ليست مبادئ ومناهج حضارية عالمية وليدة اللحظة بل هي نتاج فكري وتنظيمي لمفهوم الدولة والحضارة الحديثة التي تسعى للتقدم والإزدهار والتنمية بغض النظر عن اختلافات وتنوعات المجتمع التي لا ترقى إلى الصدام والعنف والفوضى وبالتالي في نهاية المطاف يجب أن نعود إلى هذا الإختيار الآمن والعادل – بالتزامن مع شرط تنامي حالة الوعي الجمعي – للخروج من حاضر هذه العتمة الدامسة والحرب المشتعلة والمضي نحو المستقبل الذي بإمكاننا أن نغيره بطرق وقنوات ديمقراطية سلمية تكفل الحقوق العادلة للجميع وهذا الطريق في الوضع الراهن للأسف يبدو غير واضحاً وخاصة مع تقلبات وتفاقم الصراع في بلادنا المنهكة سياسيا وإنسانيا.. ويجب أن يعي الجميع بأن بديل الديمقراطيه هي الفوضى والعنف والجهل والتخلف والظلام الدامس والمستطير.. فهل حان الوقت أن نعود إلى السلام ونحتكم إلى الديمقراطية والحرية والإنسانية العالمية؟!

(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)