أزمة دولة

بقلم / أمين الشامي

تكمن مشكلتنا في أزمة الدولة التي نعيش على أنقاضها وبقايا أثرها والحديث عنها في وسائل الإعلام فقط؛ فهي محض وهم لا غير. فنحن في الحقيقة نفتقر إلى أبسط الحقوق التي ينالها المواطن في أي وطن آخر، هناك بديهيات حققها العالم منذ أمد بعيد ونحن ما نزال في صراع مع تحدي وجود الدولة الحقيقية.

تقوم الدولة على غرضين مهمين يتمثلا في الأغراض السيادية المتمثّلة في تكوين صورة إيجابية عن البلد في الخارج وتمثيل سياسته الخارجية على أتم وجه وتعميق الصداقات وتحسين العلاقات الدولية مما يساهم في تعزيز المصالح لدى الدولة وصديقتها. أما الأغراض الخدمية فتتمثل في مجانية الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والتعليم بكل مستوياته وإقامة قضاء عادل يفصل بين النواطنين فيما بينهم وبين المواطنين والسلطة وكذلك بناء جيش وطني قوي يحافظ على البلاد ويحرس مكاسبها. ونحن كمواطنين لم نحظى بنعمة هذين الغرضين كما يحظى بهما البشر في كل دول العالم.

تُصادرُ حقوق وحريات الناس دون أي مراعاة لذلك وتحت مبررات واهية تنص على أن مصدرها نابع من تصرف الدولة غير أنه لا وجود حقيقي للدولة بمعناها الدقيق والمفترض كما أشرت سابقًا وذلك بغياب الأغراض التي تقوم من أجلها الدولة. ستستمر بلا شك هذه التصرفات القمعية فلا ضمانة لإيقافها سوى عودة الدولة بمؤسساتها الرسمية الممثلة للجميع لا لجماعات أو ميليشيات بعينها. حتى الخصم في كنف الدولة لا يتم إقصائه كما يحصل اليوم، ذلك أن الدولة الحاضنة للجميع رغم كل التباينات، بحيث تسخر كل الاختلاف لما يخدم المصلحة العامة ويثري تقدمها.

مطلبنا الشعبي بعد التجارب التي مررنا بها من اللا دولة إلى دولة القبيلة والعسكر هو تحقيق وجود الدولة المدنية بمعناها الشامل، ينبغي تمدين كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، فلا يمكن أن نرضى بغير القانون بديل؛ لأننا قد جربنا كل الأساليب التقليدية وأخذنا من الدروس ما يكفي لنتعلم. أما دولة مدنية أوتخبط وضياع دون نهاية، ولنا الاختيار.