هل سنركب قطار الحياة في قادم الأيام؟

بقلم / ماجد عبدالله
نقف اليوم على مشارف هذا العالم المريع، الذي صار لا ينظر إلا لتلك المجتمعات المتحضرة والقوية، التي استطاعت أن تفرض نفسها بشتى مجالات الحياة، وتمكنت من السير في ركب التطور والنماء، ولم تبرح استماتتها لجعل الإنسان أكثر تناغما مع مسماه الحقيقي والفطري؛ الذي ينبذ كل الأدوات الشيطانية والعدوانية تجاه الآخر المختلف معه أياً كان.
أين نحن اليمنيون الذين نعد من أقدم الشعوب حضارة وثقافة وعلما مما يجري حولنا؟ هل سنركب يوما قطار الحياة لنستمتع ببقايا سويعاتنا المنقرضة؟ أم سنظل نقبع في ظلام الجهل والتخلف العقائدي والفكري والعرقي.. وبالمناسبة ماذا أعددنا للقادم المخيف؟
للأسف تبدو اجابة هذه الأسئلة من ضرب الاستحالة، وكيف يتسنى لنا الإجابة عنها في خضم الوضع القائم والقاتم الذي صرنا فيه – مقارنة بالشعوب الأخرى – بلا شك في ساحة مجهولة يحكمها قانون الغاب القاتل، حيث بات التحريض والشتات والكراهية ملازمة لنا ولتفكيرنا وتصرفاتنا لا تفارقنا كل يوم، ويحدث هذا بالذات في عصر التقنيات والتكنولوجيا السريعة، التي سهلت للشعوب بث أفكارها الهدامة، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لتتحول تلك المواقع إلى ساحة حرب أخطر من التي تدار بالواقع، وأكثر تأثيرا على من يتواجدون في دهاليز هذه المنصات، ما قد يؤدي إلى نشوء أجيال لا تعرف الإنسانية، ولا تعي سوى خطابات الكراهية المتأتية من تلك الشبكات الإجتماعية؛ التي تزرع باستمرار وبكل تأكيد جرائم كراهية مقيتة ومعادية للتسامح وممزقة للنسيج الإنساني ومقلقة للعالم الجميل الذي طالما حلمنا به منذ طفولتنا.
جميعنا يعرف مدى خطورة المرحلة التي أتت بنا إليها المتغيرات، ولكننا مع ذلك نقف مكتوفي الأيدي، نتأمل متى ستنتهي هذه الفوضى، لم يفكر ولم يعِ أحدٌ منا أن الحرب التي تهددنا، هي التي أمعنت في تفخيخ أفكار مجتمعنا، وأن معظم الحروب التي تحدث نتيجة خطابات تعسفية تحريضية تقف ورائها جهات كبرى لها مطامع سياسية أو اقتصادية أو عقائدية، لا علاقة لها بما يدور في مداركنا من توهمات عقيمة وعمياء، والكارثة أننا ما زلنا الآن نعاني من هذه التكهنات التي أدت إلى تشتيت الصورة الذهنية الطبيعية للانسان، حتى صار البعض ينظر للآخر بدونية لمجرد أنه لا ينساق مع أفكاره وتوجهاته في واقعه المعيشي بمحيطه المجتمعي.
ومما لا شك فيه أننا وجِدنا في هذه المعمورة مختلفين في كل شيء، ولولا الاختلاف لما تقدمت الأمم ونهضت وتطورت، ولكن هل سنفهم المعنى الواضح لثقافة الاختلاف؟
لماذا؟
لكي نتعامل بها في محيطنا دون إلحاق الضرر بالآخرين، بعيدا عن تشكيلات الصورة النمطية السلبية، التي تقتل فينا روح التعايش وتفقدنا القدرة على مجاراة العصر والإبداع والتميز، لنغدو متقمصين للتراث لا مجددين ومواكبين لحداثة العصر الحالي ، ونتخلى عن تلك الصورة التي خلقت ذواتنا كراهية ومشاعر غير عقلانية تجاه الآخر المغاير.
عُرف اليمن منذ القدم؛ بالتسامح الديني والسياسي والعرقي، وما نراه حاليا سيزول وعما قريب سنرى النور يتجلى من على أعتاب مرحلة جديدة تسحق كل معاني الكراهية والظلم والاستبداد, وهنا يجب على كل مكونات الشعب أن يعملوا بشكل جماعي للملمة شتات الجسد الواحد ومؤازرته بالفكر النير والعلم البناء، الذي يقودنا للعيش بحياة كريمة كباقي البشر، وكل ذلك لن يكون مستحيلا إذا كان صوت المجتمع الواحد “لا للظلم والكراهية لا للتمييز، نعم للحب والتعايش والسلام”.
(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)