هاشميون على المحك (5)

بقلم / محفوظ الشامي
أن نظل بلا دولة حقيقة مشتتين بين هؤلاء وهؤلاء يعني أن تتفكك روابط المجتمع تباعًا وتسوء أخلاق الناس وتنتشر الجريمة وتسود أعمال العنف وتتعرض فئات للإقصاء وفئات لخطاب الكراهية وفئات للاستغلال والتحشيد لتغذية صراعات الحرب وذلك من خلال الاستمالات العاطفية والدينية التي يتم استخدامها أثناء الاستقطاب.
الهاشميون واقعون بأسوأ ظرف خلقته الحرب، فمن أراد منهم الاستقلال من الحرب وتفضيل الحياد فلن يكون أقل ضررًا ممن فضل خيار خوض المعركة سواء مع أنصار الله الحوثيين أو مع شرعية هادي، ومن خاض الغمار مع الطرف الأول فقد أُوكلت إليه مهمة الدفاع عن الدين والكرامة والبلاد وهو بنظر الجماعة في معركة مقدسة ويجب أن ينتصر أو يموت، ومن مع الطرف الآخر يظل مُراقبًا ولا يُمنح الثقة وهو بتقديرهم رجعي سلالي متخلف إذ ينتمي إلى السلالة التي هي بنظرهم الغاشم في عداء مع الجمهوريّة. وهذا التعيمم يعد إجحافًا بحق كل الهاشميين، فقائمة أسماء الثوار في ثورة 26 سبتمبر الخالدة منهم كبيرة.
لقد أصبح المجتمع مأزومًا ولم يعد قادرًا على التمييز والنظرة إلى الأشياء بعدل وحياد ولا يمكن بكل الأحوال لومه ما دامت الحرب في استعار؛ ذلك أنها تدمر النفوس وتحبط معنويات الناس وتجعلهم أكثر وحشية تجاه بعضهم ولذا نحن نصرخ كل حين وننشد السلام لما نعلمه من نتائج سوداوية يمكن أن تزداد إذا لم تتوقف الحرب.
بعيدًا عن حديثنا عن الميزات والكرامات التي ينالها الهاشميين بتقدير البعض وليس كل الهاشميين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين رغم أن هناك منهم من يتعرض للظلم والإقصاء دعونا نتحدث عن المخاطر والابتزازات التي يتعرضون لها في مناطق الشرعية سواء في الشمال أو في الجنوب حيث يتم مضايقتهم في نقاط السير والمؤسسات الرسمية سواء كانت مدنية أو عسكرية وذلك من خلال اللقب الهاشمي في واحدة من أسوأ الشواهد على تدهور النسيج وتفشي خطاب الكراهية بكل تجلياته.
المؤسف حقًا هو تبني بعض المثقفين الذي ينبغي أن يكونوا أكثر الناس اهتمامًا وحرصًا على لم صف الشعب استدعاء القوميات في وقت حرج من زمن الحرب لا لرفد الهوية اليمنية جمعاء بتلك الدواعي وإنما لتلميع بعض المكونات الاجتماعية والتقليل من بعضها الآخر ولإحياء خطاب الكراهية والعنصرية بالتمجد بالماضي البعيد الذي يثري وجودهم حسب اعتقادهم وتهميش الآخرين، يستدعون ماض ضارب في العمق قد يصل إلى عشرات آلاف السنين بينما يستثكرون على الهاشميين الاعتزاز بنسبهم القريب ويعتبرون ذلك مدعاة للسلالية والطبقية.. يا للمفارقة.
الاعتزاز بالأنساب والافتخار بالألقاب إن كان لا يسيء بحق الآخرين ويقلل من شأنهم فهو إيجابي بتقديري أكثر مما هو سلبي. والتطرف الهاشمي إن وجد يجب علينا كمجتمع واحد ومتماسك مواجهته لا بالقوة والعنف وصب الزيت على النار وإنما بمعركة وعي وخطاب معتدل. مالم نتنبه لهذه المخاطر المحدقة بنا الذي قد ينظر إليها البعض على أنها ليست مهمة سنفيق على كارثة لن يمكننا بعدها التعافي بسهولة.
(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)