اعقلوا خطاب العنصرية

بقلم / المرتضى أبو طالب

في كل زاوية من زوايا قضية الحرب هناك عنصرية وممارسة للعنصرية من قبل طرفي الحرب. جماعة الحوثيين تتخذ خطابا عنصريا في تسيير السياسات وفي تحشيد الشباب إلى الجبهات، وجماعة الشرعية تتخذ خطابا عنصريا في تسيير السياسات وفي تحشيد الشباب إلى الجبهات، والجميع في معمعة العنصرية.

وجود الخطاب العنصري والإصرار على استخدامه واستمراره له دلالات سياسية اجتماعية تهدف إلى تطويل الحرب وتعريق المجتمع وتطويق أفراد الشعب خلف أسوار الطائفية والعرقية والعنصرية والمناطقية والنفعية وترويضهم أكثر على العنف وتقويض العمل السياسي.

أثناء هذا الخطاب يستغل أطراف الحرب الغياب التام أو التغييب التام لخطاب العقل الذي هو خطاب الدولة السياسي وخطاب السياسة المحضة المشروع.. إنه تدنيس لأهداف بناء دولة حقيقية وليس تغييبا لها فقط. إنه تشريع للكراهية القاتلة بين فئات الشعب، وتشعيب للمشكلات المتشعبة أصلا، وتفتيت للنسيج المجتمعي ومدنيته.

استغل أطراف الحرب غياب الدولة لإقناع الناس أنها لن تعود. البعض اقتنع أن بلدا متأزما مثل اليمن لن تليق به دولة، والبعض الآخر استمتع بغياب الدولة للانتفاع وللكسب الشخصي، والبعض أحس بعمق مشكلة غياب الدولة -التي تشوبها مشكلة الخطاب العنصري- فندَّد ورفض هذا التشويه للمجتمع وللسياسة وللاعتبارات الأخلاقية، مثلما أكتب الآن هذا المقال البسيط.

كيف تخدم اللهجة العنصرية هذا الخطاب؟ فضلا عن كيف تخدم المجتمع. كيف تخدمهم؟ ذلك لن يفعل شيئا سوى توسيع الهوة المجتمعية التي بين أفراد هذا الشعب بمختلف فئاته.. فكيف تخدمهم؟

لعل العنصرية تخدمهم حاليا بشكل سياسي آني، لكنه لن يستمر ولن يؤتي ثمارا، فكيف يفكرون وكيف يبصرون؟ إبعاد الشعب عن الدولة لا يعني أنها بعيدة، وترهيبهم لا يعني أن الدولة مستحيلة وأن الوضع سيبقى على ما هو عليه، فالأيام دول والعنصرية لها وقتها.

ثم إن خطاب العقل يبقى خطابا عقليا وإن كان غائبا، فالعقول موجودة لدى كافة فئات المجتمع، وخطاب العقل سينهض طال الزمن أو قصر كحتمية تاريخية تعدل مسار الأداء السياسي والشكل السياسي في اليمن.. فلا يتوقعْ أحد منكم أن العقل سيظل حبيسا تحت رحمة الجعب والبنادق والمدفعيات، ولا يتوقعْ أحد منكم أن الدولة ستنهض على أيدي أطراف لا تعقلن خطابها العنصري التفتيتي، وللخطاب بقية.

(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)