هااشميون على المحك(6)

بقلم / محفوظ الشامي

تتعدد الأسباب التي تدفع اليمنيين للحاق بجبهات القتال حسب الدافع والاحتياج، فمثل ما هناك من يذهب إلى المعركة للانتصار لقضايا دينية ووطنية مزعومة هناك أيضًا بالمقابل من يذهب لكي يحصل على الأجر الذي يسد به رمق عائلته وذويه. يمكننا بكل بساطة تلخيص مأساتنا في الحرب وذكر أسبابها التي دفعت بآلاف من اليمنيين إلى الهلاك، أبرز هذه الأسباب هي الفقر وغياب الوعي باعتبارهما شبحين يعربدا في كل أرجاء الوطن.

مخطئ من يظن أن العقيدة والإيمان بشيء ما وحده من يعزز القناعات لدى الناس لخوض الحرب حتى الانتصار أو الفناء، فكما ترسخ العقيدة إقناع الناس يفعل الفقر الذي لا يترك لهم خيارًا آخرًا بصفته العدو الأكثر فتكًا باليمنيين؛ حيث يذهبون بلا هوادة لخوض الحرب من أجل كسب لقمة العيش أيًا كانت العواقب والنتائج. هناك من يقاتل من أجل الحصول على غذاءه الشخصي ناهيك عن تأمين غذاء عائلته. لكم أن تتخيلوا مأساوية هذا الأمر.

تستقطب شرعية هادي المقاتلين من القبائل بوسيلتين، الأولى تتعلق بتحقيق دولة مثالية وعودة الشرعية التي باتت غارقة في الفساد ومرتهنة للوصاية الخارجيّة وغير قادرة على السيطرة وفرض سيادتها حتى في المناطق التي تسيطر عليها في الداخل اليمني. والثانية إغراء شريحة واسعة من الكادحين والفقراء برواتب تقدر بأنها جيدة مقارنة بما يدفعه الطرف الآخر. أما أنصار الله الحوثيين فيتبنوا خطابًا دينيًا عاطفيًا يحتم على الهاشميين، كل الهاشميين التضحية في مقدمة الصفوف كونهم حد تعبير الخطاب أكثر الناس تكليفًا بخوض المعركة. ومن ناحية البعد الاجتماعي هم بنظر الجماعة من يجب أن يموت أولًا في سبيل القضية بصفتهم القدوة للآخرين.

الهاشميون أكثر من يدفع ضريبة هذه الحرب وأكثر من سيدفع مستقبلًا فيما لو استمر تحشيد أنصار الله لهم ووضعهم في عداء وصدام مع بقية مكونات الشعب وفيما لو ظلت شرعية هادي تتعامل معهم بعدم ثقة وظلت كذلك الوسائل الإعلامية المغرضة في الداخل والخارج تشوه سيرتهم باعتبارهم أعداء للجمهورية والدولة. من لم يمت من الهاشميين بالمعركة، سواء مع أنصار الله أو بطرف شرعية هادي يموت وسيموت بفعل خطاب الكراهية والتحريض ضد هذه الفئة التي تحمل وزرًا ليس وزرها. حتى الكثيرين منهم ممن فضل خيار الاستقلال عن كل ذاك العبث يحاربون ويتهمون، وهذه الحالة يمكن وصفها بأبشع تدهور لعلائق المجتمع اليمني على الإطلاق.

الاستعداء للهاشميين من قبل المجتمع يعد أمرًا مؤسفًا وسلوكًا شنيعًا يبين لنا حجم الشرخ الاجتماعي الذي أصاب النسيج ومن الصعب تجاوزه إلا إذا خضنا معركة وعي تتبنى خطابًا معتدلًا ينصف هذه الفئة الاجتماعية؛ فليست وحدها من تقاتل مع أنصار الله باعتبار أن هذا السبب هو حجة الكرة والاستعداء فهناك الكثير من اليمنيين ومن محافظات يمينة عدة يقفون في صفهم. يبقى السؤال: ما سبب هذا السلوك العدائي تجاه الهاشميين؟

لن نقدر على إيقاف عبث طرفي الحرب باليمنيين وزجهم في أتون صراع لا ناقة لهم بها ولا جمل إلا بالنظر إلى التعليم بجدية ومحو كل سيطرة الخرافة والولاءات سواء كانت مذهبية أو قبيلة أو عرقية أو مناطقية وكذلك باكتساب الوعي وتنوير الرأي العام بخطورة هذا المستنقع الذي ستترتب عليه آثارًا تسهم بشكل مباشر في تدمير حاضر ومستقبل الإنسان اليمني. وبمحاولة حثيثة لمساعدة الفقراء من قبل الأغنياء في المجتمع كي يتوقفوا عن رفد تلك الحرب الخاسرة الآثمة بالمزيد من الأرواح الطيبة والبريئة.

(نقلا عن منظمة نسيج الإعلامية)