هكذا يتم تهريب الاسلحة الى ميليشيا الحوثي .. وهولاء من يديرون العملية ويوفرون الدعم والحماية(الأسماء)

خلال الخمس السنوات الماضية من عمر الحرب في اليمن، إيقاف وضبط عدد غير قليل من شحنات الأسلحة، أثناء محاولات تهريبها من محافظة مأرب إلى مليشيا الحوثي، أو نحو المحافظات الجنوبية. كذلك، تم رصد عدد أكبر من شحنات الأسلحة المهربة إلى المليشيا، ونحو الجنوب.

وأكدت مصادر عسكرية ومحلية متطابقة لـ “الشارع” أن قادة عسكريون في مأرب، وسابقاً الجوف، قاموا/ يقومون بنهب الأسلحة من مخازن “القوات الحكومية”، وباعوها/ يبيعونها بأسعار منخفضة لمليشيا الحوثي، ويُسَهِّلون عمليات تهريبها إلى مناطق سيطرتها؛ أو يشتركون، بشكل مباشر، في عمليات التهريب تلك.

وأوضحت المصادر أن القادة العسكريون الذين يقومون/ قاموا بنهب الأسلحة من مخازن “الجيش”، وتسهيل تهريبها إلى مليشيا الحوثي، أو إلى المحافظات الجنوبية، مرتبطون بالفريق علي محسن الأحمر، نائب رئيس الجمهورية، وحزب الإصلاح، ويحظون بحماية ودعم من الجانبين.

وقالت المصادر إن المليشيا الحوثية تمكنت من بناء شبكة سرية تقوم عبرها بشراء الأسلحة من قادة في “القوات الحكومية” (ويجري ذلك في الغالب عبر تُجار أسلحة)، كما تمكنت من بناء شبكة تهريب واسعة تتولى عبرها نقل تلك الأسلحة، في شحنات متفرقة، إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

وطبقاً للمصادر، فعمليات التهريب تتم عبر نقل الأسلحة في شحنات يتم نقلها إلى مناطق سيطرة المليشيا؛ بواسطة تجار أسلحة وشبكات تهريب واسعة يعمل فيها تجار أسلحة، وقادة عسكريون حكوميون، ومشائخ قبليون، ووجاهات محلية في أكثر من منطقة.

وأفادت المصادر أن شبكات تهريب أخرى، في المحافظات الجنوبية، تقوم بتهريب شحنات أخرى من الأسلحة من اليمن إلى القرن الأفريقي؛ عبر البحر. وعدد من تلك الشحنات تأتي من مأرب، أو تمر عبرها؛ وفقاً للمصادر.

كل المعلومات والدلائل تُشِير إلى أن معظم عمليات تهريب الأسلحة تتم من مناطق سيطرة “الشرعية” في محافظتي مأرب، والجوف سابقاً، وعن طريق تجار سلاح وقوى عسكرية وقبلية نافذة، لها علاقات مباشرة مع قيادة السلطة المحلية في المحافظتين، وارتباطات على مستوى أعلى مع علي محسن الأحمر، وقيادات في حزب الإصلاح، وأخرى مرتبطة بمليشيا الحوثي.

تفيد المعلومات أن تُجّار أسلحة في محافظة صنعاء، ومحافظات أخرى (موالون لمليشيا الحوثي)، يرتبطون بعلاقات مصالح قوية مع قادة عسكريين في مأرب، والجوف (قبل سيطرة المليشيا على الجوف). وحسب المصادر، فهؤلاء القادة العسكريون قاموا/ يقومون بنهب أسلحة من مخازن “الجيش”، ويبيعونها إلى المليشيا عبر تُجّار الأسلحة المرتبطين بهم، وتسهيل عمليات تهريبها إلى مناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لا سيما صنعاء. وتقول المعلومات إن تُجّار الأسلحة الموالين للمليشيا وجدوا طرقاً عِدَّة أمَّنوا فيها إيصال الأموال (قيمة الأسلحة) إلى القادة العسكريين الخونة في مأرب حالياً، والجوف من قبل.

وبسبب عمليات التهريب تلك، تحصل مليشيا الحوثي على كثير من الأسلحة التي يُقَدِّمها التحالف العربي إلى “الجيش” التابع لـ “الشرعية”. والشاهد أن الحوثيين يحصلون على صواريخ “كورنيت”، و”الجيتري” الأمريكي، و”الجيتري السلماني” (هكذا تُسَمِّيه القوات الموالية لـ “الشرعية”، نسبة إلى الملك سلمان، ونسبة إلى صناعته السعودية في عهد الملك سلمان). ويتسلح الجنود السعوديون بهذا “الجيتري” المصنوع في بلادهم. كذلك يحصل الحوثيون على قناصات “شتائر”، والمعدل الأمريكي عيار خمسين. وهذه أسلحة أمريكية لم يسبق للجيش اليمني أن تسلَّح بها من قبل، بل وفرها “التحالف”، بعد 2015، لقوات “الشرعية” في مأرب والجوف. ومعروف أن هذه الأسلحة لم تدخل اليمن من قبل، لا بصورة رسمية، ولا عن طريق التهريب. وعندما قامت السعودية، خلال الحرب الحالية، بتزويد “الجيش” اليمني بهذه الأسلحة، تم تهريبها إلى مليشيا الحوثي! وهذه أسلحة أسعارها مرتفعة؛ فالقناص “شتائر” الأمريكي كان سعره في مأرب، عام 2015، مليون ريال.

توفر هذه الأسلحة مع الحوثيين، وفي مناطق سيطرتهم، يؤكد حدوث عمليات تهريب الأسلحة، وتورط قيادات عسكرية في “الشرعية” في عمليات التهريب.

بعض عمليات تهريب الأسلحة القادمة من مأرب أو المارة عبرها

شحنات الأسلحة التي تم ضبطها، أثناء محاولة تهريبها، كثيرة. أكثر منها شحنات الأسلحة التي لم يتم ضبطها. هنا نورد أهم شحنات الأسلحة التي تم ضبطها أثناء محاولة تهريبها إلى مليشيا الحوثي، أو نحو المحافظات الجنوبية. والأرجح أن المحافظات الجنوبية كانت مجرد طريق مرور لتهريب تلك الأسلحة إلى القرن الأفريقي.

في 29 أكتوبر 2018م، أحبطت نقطة عسكرية تابعة للشرطة العسكرية، تتمركز على طريق مأرب- صنعاء، عملية تهريب أسلحة، كانت تلك الأسلحة مشحونة في “دينا” (مركبة نقل متوسط)، جاءت من مأرب، وكانت في طريقها إلى مناطق سيطرة الحوثيين؛ صنعاء. والشحنة كانت عبارة عن صواريخ حرارية، وقذائف “آر. بي. جي”، وأسلحة كلاشنكوف، ومعدلات رشاشة مختلفة مع الذخائر.


العميد ناجي منيف
اليوم التالي، قال قائد فرع الشرطة العسكرية في مأرب، العميد ناجي منيف، في تصريح صحفي مكتوب، وآخر متلفز، إن شحنة الأسلحة تلك “كانت في طريقها إلى مليشيا الحوثي الانقلابية في العاصمة صنعاء”. وأوضح أن الشحنة كانت “تحتوي على صواريخ حرارية، وقذائف “آر. بي. جي”، وقاذفات “آر. بي. آر”، ومعدلات “إس. تي”، إلى جانب بنادق آلية، وذخائر كثيرة ومتنوعة”.

وقال “منيف”: “هذه ليست المرة الأولى التي يتم ضبط شحنة أسلحة مهربة مليشيا الحوثي، فقد ضبطت الأجهزة الأمنية، خلال الفترة الماضية، العديد من شحنات الأسلحة المختلفة”.

ومساء 10 ديسمبر من العام 2018م، ضبطت قوات الحزام الأمني في القطاع الشرقي للعاصمة المؤقتة عدن، شحنة أسلحة كبيرة كانت قادمة من محافظة مأرب، تحتوي على 178 قطعة سلاح آلي كلاشنكوف، إضافة إلى 48 قذيفة “آر. بي. جي”، و 45 ناظور ليلي. كانت تلك الشحنة على متن “دينا” نوع “جانبو”. ولم تُعرف الوجهة التي كانت متجهة لها شحنة الأسلحة تلك.

وفي 21 ديسمبر 2018، ضبطت نقطة أمنية تتبع ألوية الدعم والإسناد، وتتمركز في منطقة “دوفس”، التي تربط محافظة أبين بالعاصمة المؤقتة عدن، كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر جاءت من محافظة مأرب، وكانت في طريقها إلى مدينة عدن؛ على متن سيارة نوع “زلومة”. وشحنة الأسلحة تلك كانت مكونة من ذخائر ورؤوس قذائف هاون، وقذائف فردي، إضافة إلى حشوات، وستة وثلاثين كيس بارود.

وقبل ذلك، وتحديداً في 14 مارس 2018م، تمكن جنود قوات الأمن الخاصة المتمركزون في “نقطة الفلج”، في محافظة مأرب، من إحباط عملية تهريب أسلحة على متن “دينا”، كانت في طريقها من مأرب إلى محافظة صنعاء؛ لمليشيا الحوثي. كانت تلك الشحنة عبارة عن أسلحة كلاشنكوف. وقالت الأجهزة الأمنية، حينها، إن تلك الأسلحة كانت “مخفيه بطريقة معقدة”.

وفي 6 أبريل 2019م، تمكنت نقطة أمنية تتبع اللواء 30، وتتمركز في منطقة “الضلعة”، مديرية الصعيد، محافظة شبوة، من ضبط شحنة أسلحه كانت قادمة من محافظة مأرب إلى محافظة عدن. تلك الشحنة كانت عبارة عن “قذائف وقنابل وألغام، تم إخفاؤها داخل كراتين المواد الغذائية”.

وفي 10 أبريل 2020م، أحبط مسلحون قبليون عملية تهريب أسلحة ما بين مأرب والجوف. وقال مصدر قبلي لـ “الشارع”، إن دورية تابعه لـ “مطارح العلم” القبلية في مأرب اعترضت، يومها، “دينا” تحمل أسلحة في طريق صحراوي رملي يقع بين محافظتي مأرب والجوف، مشيراً إلى أن هذه الطريق يستخدم عادة لعمليات التهريب.

وأوضح المصدر القبلي أن مسلحي القبائل حاولوا إيقاف “الدينا”، إلا أنها رفضت التوقف، وكان برفقتها مسلحون، اشتبكوا مع رجال القبائل، ما أدى إلى إحراق “الدينا” بحمولتها، والقبض على سائقها، فيما تمكن مرافقوه من الفرار.


جزء من الذخائر التي تم ضبطها في نهاية أكتوبر 2018
مؤخراً، أُعلن عن احتراق مخازن الأسلحة في معسكر “صحن الجن” في مأرب. وقال مصدر عسكري مطلع، إن مسؤولون عسكريون نهبوا الأسلحة من تلك المناطق وقاموا ببيعها لصالحهم، ثم أحرقوا المخازن لإخفاء جريمتهم. ويتوقع المصدر أن جزءاً من تلك الأسلحة تم بيعها وتهريبها إلى مليشيا الحوثي.

الفضيحة

في 13 أبريل الجاري، أوقفت قوات الشرطة العسكرية- فرع محافظة البيضاء، شحنة أسلحة كانت داخل قاطرة غاز، جاءت من منطقة “الرويك”، في مأرب، واجتازت أكثر من ثلاثين نقطة تفتيش أمنية وعسكرية تابعة لـ “القوات الحكومية”، وعندما وصلت منطقة قانية، ما بين محافظتي مأرب والبيضاء، تم ضبطها وهي على وشك عبور آخر نقطة عسكرية تابعة لـ “الشرعية”، ودخول المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.


القاطرة بعد إيقافها في نقطة تفتيش عسكرية في قانية وعليها أسلحة كانت في طريقها إلى مليشيا الحوثي
أُعلن، يومها، إيقاف تلك القاطرة قبل دخولها المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي. وذكرت المعلومات الرسمية وغير الرسمية أن تلك القاطرة جاءت من محافظة مأرب، وعلى متنها شحنة أسلحة تحاول تهريبها إلى مليشيا الحوثي. وتم نشر صورة لتلك القاطرة وهي متوقفة قرب النقطة العسكرية التي أوقفتها. لكن سرعان ما نفت السلطات المحلية في مأرب، وقيادة محور البيضاء العسكري، صحة الخبر! ناشطو حزب الإصلاح في وسائل التواصل الاجتماعي، نفوا الخبر، أيضاً. وقِيل إن سائق القاطرة أوقفها جوار النقطة العسكرية وذهب لينام في إحدى الاستراحات القريبة، ثم اختفى! إذا لم تكن تلك القاطرة فيها شحنة أسلحة مهربة، ما الذي يدفع سائقها إلى تركها والهروب؟! ومن ماذا يهرب أصلاً، إذا لم يكن في قاطرته أسلحة مهربة؟!

إن عملية النفي تلك أكدت تورط قيادات في “جيش الشرعية”، وحزب الإصلاح، بعمليات تهريب الأسلحة إلى مليشيا الحوثي. ويبدو أن الحرص على نفي الأمر كان عائد إلى أن الإعلان عن إيقاف تلك القاطرة المحملة بشحنة الأسلحة تضمن معلومات قالت إن القاطرة جاءت من منطقة “الرويك” الواقعة في مأرب. وبذلك، ظهرت جريمة محاولة تهريب تلك الأسلحة كما لو أنها تأكيد حي لما أثاره، قبل يومين فقط، رجل الدين الحسن أبكر حول تورط قادة عسكريين في “الشرعية” بنهب الأسلحة من مخازن الجيش، في الجوف ومأرب، وتهريبها إلى مليشيا الحوثي.

وكان “أبكر” قال، في منشور نشره، في 11 أبريل الجاري، على صفحته في “فيسبوك”، إنه حصل على وثيقة يتهم فيها قائد قوات التحالف العربي في مأرب “أشخاصاً وقيادات في الجيش الوطني” اليمني “بنهب السلاح، وتهريبه” إلى مليشيا الحوثي.

وأكد “أبكر” حدوث خيانات تعرضت لها جبهات القتال في الجوف، خلال الحرب الأخيرة، ما أدى إلى سقوط مدينة الحزم، عاصمة المحافظة, وأغلب مديرياتها، في أيدي مليشيا الحوثي، مطالباً قيادة الدولة والتحالف العربي “بضرورة إزاحة الستار عن كل خائن، أو مجرم اقترف خيانة بحق الوطن”.

وقال “أبكر”: “سبق وأن غردت، بعد سقوط حزم الجوف، أنه وصلني بلاغ، أو معلومة، بأن مخازن الأسلحة نهبت وسرقت، وطالبت، حينها، التحقيق في الموضوع، كي نعرف من الناهب، ويتبع من، حتى يُعرف الخائن. اليوم وصلتني وثيقة رسمية، موجهة من قائد التحالف بمأرب إلى معالي وزير الدفاع (احتفظ بصورة منها)، يتهم فيها أشخاصاً وقيادات في الجيش الوطني بنهب السلاح وتهريبه، في جريمة كبيرة وخيانة عظمى بحق الوطن والمواطن، وهي في الأعراف العسكرية خيانة عظمى”.

وأضاف: “المذكرة الموجهة من مقر التحالف في مأرب إلى وزارة الدفاع بالغة الخطورة، ومن الأهمية والواجب الوطني والمسؤولية العسكرية سرعة التحقيق في الاتهام، والتأكد من تورط الأشخاص وقدر مسؤوليتهم ومحاسبتهم وفق القانون العسكري.. ونطالب الجهات الرسمية بكشف الحقائق للعسكريين والمدنيين ولكل الشعب، والضرب بيد من حديد على كل من ثبت تورطه بصورة مباشرة وغير مباشرة، وكل من ساعد أو غض الطرف على مثل هكذا جرائم.. الكل ينتظر ماذا ستصنع وزارة الدفاع وقياداتها”.

وتابع: “الخيانات المتكررة التي تطال الجيش الوطني، والنهب للأسلحة والتخابر مع المليشيات، وتسهيل تهريب الأسلحة والذخائر والأموال والوقود والمؤن وغيرها إلى مناطق الحوثيين، جريمة لا تغتفر، ويجب أن يحاسب جميع المتورطين فيها، وأن يتم مكاشفة الرأي العام بذلك؛ لأن ثمن هذه الخيانات دماء طاهرة وخسائر فادحة تتعرض لها الدولة، ويتعرض لها المواطنون”.

وبعدها، تم نشر صورة من الرسالة التي وجهها قائد قوات التحالف في مأرب، في 9/3/2020، إلى وزير الدفاع اليمني، وفيها قال الأول للثاني: “نفيد معاليكم بأنه توفرت لدينا معلومات تفيد بقيام شقيق رئيس أركان المنطقة العسكرية السادسة للجيش اليمني (مجاهد الغليسي) بتهريب عتاد عسكري، عبارة عن أطقم عسكرية وأسلحة، أثناء الانسحاب من مواقعهم في الجوف والتوجه بها إلى منطقة الرويك”.

وأضاف قائد قوات التحالف، في رسالته، مخاطباً وزير الدفاع اليمني: “نأمل بعد اطلاع معاليكم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المقصرين، شاكرين لكم حسن تعاونكم”. وحتى الآن لم يتخذ وزير الدفاع أي إجراءات للتحقيق في القضية رغم خطورتها.

والرابط هنا بين الأمرين هو أن “مجاهد الغليسي” من رجال علي محسن الأحمر. هناك رابط آخر: القاطرة التي تم إيقافها وعليها شحنة أسلحة، في منطقة “قانية” جاءت من منطقة “الرويك” في مأرب. وقائد التحالف في مأرب قال، في رسالته السالفة الذكر، إن شقيق “مجاهد الغليسي” قام “بتهريب عتاد عسكري عبارة عن أطقم عسكرية وأسلحة أثناء الانسحاب من مواقعهم في الجوف والتوجه بها إلى منطقة الرويك”. وتفيد المعلومات أن أغلب شحنات الأسلحة التي تم ويتم تهريبها إلى مليشيا الحوثي تنطلق من “الرويك”. وتزداد الأمور وضوحاً إذا عرفنا أن “الرويك” هي المقر الرئيسي لعلي محسن الأحمر في مأرب؛ فيها سكن ومكتب له بُنِيَ تحت الأرض، وفيها رجاله، وعندما يعود إلى البلاد لا يجلس إلا بها. وانطلاقاً من ذلك، تم، سريعاً نفي خبر إيقاف تلك القاطرة المحملة بشحنة الأسلحة المهربة المتجهة إلى مليشيا الحوثي؛ لأن هذا الخبر لا يؤكد صحة ما قاله ويقوله الحسن أبكر، وإنما يفضح، أيضاً، الجهة التي تقف خلف عمليات التهريب تلك: علي محسن ورجاله. وتؤكد المعلومات أن أغلب شحنات الأسلحة المهربة من مأرب إلى مليشيا الحوثي تنطلق من “الرويك”.

إدانة أخرى

وفي 3 مارس الفائت، كان قائد لواء القوات الخاصة في المنطقة العسكرية السادسة (محور الجوف)، العميد محمد علي الحجوري، كشف عن اتفاق سري تم بين مليشيا الحوثي الانقلابية ومشائخ وقيادات عسكرية في المنطقة العسكرية السادسة، لتسهيل دخول الحوثيين إلى الجوف وتسهيل سيطرتها عليها، وعلى مدينة الحزم، عاصمتها.

وقال الحجوري، في بيان أصدره، يومها، إنه “تم إبرام اتفاق سري بين الانقلابيين الحوثيين والشيخ عبدالله الهدي، ابن عم رئيس عمليات المنطقة العسكرية السادسة [العميد الركن علي محسن الهدي]، لتسهيل دخول الانقلابيين” إلى الجوف.

وأضاف: “فوجئنا بمهاجمة مخازن السلاح التابعة للواء من قبل جماعات مسلحة تابعة للمدعو الهدي، يريدون نهب السلاح، وطالبوا منا المغادرة وتسليم السلاح لهم، أعقبه ترديد شعارات الصرخة الخمينية، وتم حصار قواتنا في المحزمات، بعد سقوط الغيل، وانسحاب القوات المرابطة في الميمنة.

سيطرة حزب الإصلاح ورجال علي محسن على طرق تهريب الأسلحة

إلى جانب نهب الأسلحة من مخازن القوات الحكومية، وتهريبها إلى مليشيات الحوثي، هناك عمليات تهريب أخرى للأسلحة يتم تهريبها إلى اليمن عبر سلطنة عمان. ويقوم حزب الإصلاح، أو قادة عسكريون وقبليون موالون له، ويحضون بدعمه ودعم علي محسن، بتأمين مرور شحنات الأسلحة تلك من المهرة إلى صنعاء.

هناك شحنات أسلحة مهربة تدخل اليمن عبر المهرة؛ قادمة من سلطنة عُمَان. تذهب شحنات الأسلحة تلك إلى مليشيا الحوثي؛ مارة من حضرموت الوادي والصحراء، ومحافظة مأرب. وقدم تم ضبط عدد من تلك الشحنات.

عندما أرسل “التحالف” قوات إلى محافظة المهرة، وتحديداً إلى منفذ شحن الحدودي، شن أغلب ناشطي حزب الإصلاح حملة عنيفة (لا زالت مستمرة) على “التحالف”؛ كما لو أن هؤلاء الناشطين، وحزبهم، يريدون أن تبقى المهرة منفذاً لتهريب الأسلحة إلى مليشيا الحوثي! وهم يريدون ذلك بالفعل. ويبدو الأمر واضحاً من الدعم الذي يقدمه ناشطو “الإصلاح” لعلي سالم الحريزي، الذي يعمل ضد “التحالف” في المهرة؛ بدعم من قطر، لتنفيذ أجندة قطرية تخدم مليشيا الحوثي وإيران.

جميع قادة الوحدات العسكرية، التي تقوم بحماية وتأمين الطرق والمنافذ البرية والبحرية اليمنية مع السعودية وسلطنة عمان، ينتمون إلى حزب الإصلاح، أو يدينون له ولعلي محسن الأحمر بالولاء. فالقوات التابعة للعميد ركن يحيى أبو عوجاء، قائد اللواء 135، ورئيس أركان المنطقة العسكرية الأولى (في حضرموت الوادي والصحراء)، تتولى مهمة حماية الموانئ والمنافذ البرية مع سلطنة عمان. و”أبو عوجا” هذا يدين بالولاء لعلي محسن الأحمر. فيما تتولى قوات تابعة للعميد ركن عبدالله محمد علي معزب، قائد اللواء 23ميكا، في محافظة حضرموت، تأمين منفذ العبر الحدودي، ويقوم بتامين طريق العبر إلى منطقة “الرويك” في مأرب.

كذلك، ينتمي جميع قادة الوحدات العسكرية، التي تقوم بحماية وتأمين الطرق داخل محافظة مأرب، والمنافذ البرية لهذه المحافظة مع بقية المحافظات المحيطة بها، ومع السعودية، إلى حزب الإصلاح.

ومؤخراً شكَّل حزب الإصلاح في مأرب لواءً عسكرياً من أعضائه الخُلَّص، دون صدور قرار جمهوري يقضي بتشكيل هذا اللواء، الذي مازال، حتى اليوم، خارج قوام وزارة الدفاع، رغم أن هذه خاضعة، في الأساس، لهيمنة علي محسن وحزب الإصلاح. إنه اللواء الأول لحماية وأمن الطرق والجسور، الذي تم تعيين أحد أتباع “الإصلاح” لقيادته (العميد ركن عبدالرحمن علي محمد علي الشراجي). وأسندت لهذا اللواء مهمة تأمين وحماية الطرق، رغم أن ذلك من مهام قوات الأمن؛ أمن عام، وقوات الأمن الخاصة (أمن مركزي سابقاً). وصار هذا اللواء يسيطر على جميع الطرق الرئيسية في مأرب؛ إذ سُلِّمت له جميع نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية الواقعة في هذه الطرق. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذا اللواء يُسيطر، بشكل فعلي وكامل، على كل الطرق المؤدية من منطقة “الرويك” إلى آخر نقطة لـ “الشرعية” مع محافظة البيضاء. والقاطرة الأخيرة لشحنة الأسلحة المهربة مَرَّت من أكثر من ثلاثين نقطة تفتيش تابعة لهذا اللواء.

إن حِرص “الإصلاح”، وعلي محسن، على تشكيل لواء عسكري خاص به خارج القانون، وتسليم هذا اللواء، المشكلة من مقاتليه العقائديين، مهمة حماية الطرق في محافظة مأرب، لم يكن عملاً اعتباطياً، بل أمراً مخططاً ومقصوداً، وله أهداف كثيرة. ولا يستبعد أن تسهيل مرور شاحنات الأسلحة المهربة هو أحد تلك الأهداف. وتُثبت صحة هذا الأمر القاطرة الأخيرة التي تم إيقافها في “قانية” وعليها شحنة أسلحة كان يُراد تهريبها إلى مليشيا الحوثي. 

عن صحيفة “الشارع” اليومية الورقية، 21أبريل 2020، العدد 1229