تقرير يبحث في أسباب تأخر الحكومة الجديدة في تطبيع ومعالجة الأوضاع.. من يعيق عمل الحكومة؟

مارب اليوم – متابعات

لماذا الاهتمام بتحقيق اتفاق سلام مع الحوثيين أكثر من الاهتمام بما يدور في المناطق المحررة؟

كيف أعاقت الأجندات الإقليمية ونفوذ الدول المتدخلة عمل الحكومة؟

من هي الاطراف التي تعيق الحكومة من التخفيف عن معاناة الناس؟

لماذا يجب على الحكومة تكثيف دورها في حلحلة الأوضاع المعيشية؟

ما موقف المجلس الانتقالي

وماذا قال ناطقه الرسمي بهذا الشأن؟

فشلت الحكومة الشرعية الجديدة المنبثقة من اتفاق الرياض- مثلها مثل الحكومات السابقة- في تطبيع الأوضاع الخدمية بالعاصمة عدن والمناطق المحررة، والتي تشهد أوضاعا مأساوية تفاقمت مؤخرا بخروج شبه كلي لمنظومة الكهرباء وشح خدمة إمدادات المياه وانعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها إن وجدت، فضلا عن ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية وأسعار الصرف، وسط عدم صرف المرتبات الشهرية لمنتسبي الامن والجيش منذ تسعة أشهر، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين وزاد أحوالهم سوءا.

وتقف الحكومة موقف المتفرج العاجز إزاء هذا التدهور في منظومة الخدمات والصمت وإزاء غضب الشارع ولا يستطيع وزراؤها فعل شيء ولا حتى البوح بمسببات فشلهم، في ظل غياب دور التحالف العربي الذي يغض الطرف عن فشل الحكومة في أداء واجبها والتخفيف من معاناة الناس، والذي بات مهتما بتحقيق اتفاق سلام مع الحوثيين أكثر من اهتمامه بما يدور في المناطق المحررة.

وفي هذا التقرير نحاول البحث والتعرف على الأسباب الحقيقية والجوهرية لفشل الحكومة الحالية.

محصلة توافق إقليمي

جاء تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة كمحصلة للتوافق السعودي – الإماراتي في إدارة اليمن أكثر من كونها توافقا بين الأطراف المحلية المتصارعة، وذلك عقب صدام عسكري بين قوات الحكومة الشرعية المدعومة من المملكة العربية السعودية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة في أغسطس 2019، والذي أسفر عن طرد الحكومة من العاصمة المؤقتة للبلاد وسيطرة المجلس الانتقالي على مؤسسات الدولة.

وتشكيل هذه الحكومة كمحصلة توافق سعودي إماراتي من البديهي أن يجعلها تحتكم في توجهاتها المحلية والإقليمية للاشتراطات من تلك الدول.

وتفرض التوليفة المركبة والمتناقضة التي تشكلت وفقها الحكومة تحديات خطيرة ربما أهمها تكريس الصراع بين قوى متعارضة من حيث الأهداف والغايات السياسية، إذ يجعل التمثيل القائم على المحاصصة السياسية التناقضات العميقة بين القوى المكونة للحكومة تطغى على أي توازناتٍ شكلية فرضها توافق الضرورة، وهو ما قد يعطّلها في ظل أي تصعيد سياسي من أطرافها، خصوصا في ظل امتلاكها أذرعا عسكرية، بما في ذلك توظيف تمثيلها في الحكومة غطاءً سياسيا لتعميق مراكز نفوذها. ومع أن تشكيل حكومة توافق الضرورة مكن بعض القوى المحلية من فرض استحقاقها السياسي كقوى شرعية، فإن تشكيل الحكومة الحالية، من حيث ولائها السياسي، بما في ذلك توقيتها، يصب في صالح القوى الإقليمية المتدخلة في اليمن، وليس في صالح اليمنيين.

فرض التمثيل السياسي

الحكومة الجديدة أنتجتها أجندات إقليمية ونفوذ الدول المتدخلة بعد فرضها التمثيل السياسي لهذه الحكومة وفق المحاصصة وهذا يحتم فشلها- كغيرها من تجارب المحاصصة السياسية في حكومات يمنية سابقة- ويحد من قدرتها على تطبيع الأوضاع سواء السياسية أو الاقتصادية في المناطق المحررة.

كما أن اختيار الشخصيات الوزارية يكشف عن عدم جدية فرقاء الصراع حيال دورها في الحكومة، إذ أعيد تدوير بعض الشخصيات المتهمة بالفساد، والتخلي عن شخصيات بارزة لها قابلية ونفوذ واسع من التشكيل الوزاري أمثال وزير الداخلية السابق، أحمد الميسري، بثقله القبلي والاجتماعي في بعض مناطق الجنوب، وأحمد العيسي.

الفشل الذريع للحكومة الجديدة “المفروضة” يدل على أنها لا تمتلك أي رؤية واضحة للتخفيف عن معاناة الناس في المناطق المحررة، وتحركاتها واضح أنها وفق مصالح الدول التي فرضتها ووكلاءها في اليمن، بحيث لن تخرج في سياستها عن كونها مظلة باهتة لإدارة مصالح القوى المتدخلة في اليمن.

تعقيدات الأزمة وعمق الخلافات

يبدو أن من أهم الأسباب في فشل الحكومة الجديدة في تطبيع الأوضاع في المحافظات والمناطق المحررة سياسيا واقتصاديا هي أن بذور الفشل كامنة داخل الحكومة نفسها سواء لغياب عامل الثقة أو نتيجة لتعقيدات الأزمة اليمنية وعمق الخلافات السياسية والاجتماعية والفكرية بين الأطراف اليمنية التي تشكلت منها الحكومة، ناهيك عن ارتهان جميع نخبها السياسية للخارج.

الأجندات الحزبية والفساد

فشل الحكومة وتخليها عن المواطن وحلحلة الأوضاع المعيشية يبدو أنه مرتبط بالخضوع للأجندات الحزبية والانغماس في الفساد.

عنصر نجاح أي حكومة مرتبط بإيقاف حرب الخدمات وتوفير متطلبات الحياة البسيطة للمواطنين، لضمان تقدير واحترام المواطنين بغض النظر عن المكون السياسي الذي يمثله، فالمواطن لا يهمه انتماء الوزير أو لقبه أو قبيلته أو محافظته بقدر ما يهمه انتظام الخدمات الضرورية، كالكهرباء والمياه الشرب والخدمة الطبية، وانتظام صرف المرتبات وقف انهيار العملة المحلية، وغير ذلك من شؤون المعيشة.

الانتقالي يهدد بالانسحاب

وعلى وقع تفاقم الأزمات وانهيار شبه تام للخدمات الأساسية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة هدد المجلس الانتقالي المؤقتة عدن بالانسحاب من الحكومة.

ونشر المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي وعضو هيئة رئاسته، علي الكثيري، بيانا مقتضبا نشره الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي، أوضح فيه أن قيادة المجلس طلبت من وزرائها في قوام الحكومة أن يتخذوا موقفا واضحا وحاسما في الاجتماع الحكومي الذي سينعقد الأربعاء.

وقال متحدث الانتقالي في البيان: “في خضم الوضع المأساوي الذي تعيشه العاصمة عدن وكل محافظات الجنوب بفعل تفاقم الأزمات المعيشية وانهيار العملة والخدمات الضرورية وحرمان قطاعات واسعة من أبناء شعبنا عسكريين ومدنيين من مرتباتهم، فإننا ومن منطلق انحيازنا الكامل لشعبنا الجنوبي ووقوفنا ضد أي محاولات لتركيعه وتعذيبه، طلبنا من وزرائنا في الحكومة أن يُدرَج في اجتماع الحكومة يوم الأربعاء 10 مارس 2021 اتخاذ موقف واضح وحاسم تجاه ما يحدث لأهلنا وتجاه الجهات التي تفتعل الأزمات والانهيارات وحرب الخدمات وتمضي في تصعيدها لإخضاع أبناء الجنوب والإمعان في معاقبتهم”.

واختتم بيانه بالقول: “وإزاء ذلك ننتظر من حكومة المناصفة موقفا واضحاً من ذلك كله، ما لم فإننا في المجلس الانتقالي الجنوبي لن نكون إلا مع شعبنا وخياراته المفتوحة”.

وضع متفاقم وانهيار وشيك

الوضع الخدمي والاقتصادي المزري وشبه المنهار في عدن والمحافظات المجاورة عكس فشل الحكومة، حيث تفاقمت الأوضاع مؤخرا بخروج شبه كلي لمنظومة الكهرباء وشح خدمة امدادات المياه وانعدام المشتقات النفطية وارتفاع اسعارها ان وجدت، فضلا عن ارتفاع جنوني في اسعار السلع الغذائية واسعار الصرف، وسط عدم صرف المرتبات الشهرية لمنتسبي الامن والجيش منذ تسعة اشهر.