بسبب كورونا.. الجزائر تودّع 3 قامات ثقافية في يوم واحد

والراحلون الثلاثة هم الإعلامي والمثقف سليمان بخليلي، والباحث والناقد حاج ملياني، والفنانة التشكيلية خديجة حمسي.

وقد شكل خبر رحيل بخليلي صدمة كبيرة للرأي العام، ونعته كل وزارتي الثقافة والاتصال تقديرا لمساره وإسهاماته.

وفي آخر كلمات نشرها صاحب البرنامج الشهير “خاتم سليمان” عبر صفحته في “فيسبوك“، طالب بخليلي متابعيه بالدعاء له، وقال: “اطمئنوا، فأنا في عناية الله تعالى ورعايته مفروقا بكتاب الله في صدري، محاطا بتضرعاتكم وأدعيتكم التي تصلني من كل مكان”.

ولم تمض ساعات قليلة على كتابته لهذا المنشور، حتى انتشر خبر رحيله كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل، وقد كان من المفترض أن يدخل اليوم في المرحلة الثالثة من العلاج حيث كان يرقد منذ أسبوع بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة.

ويعتبر بخليلي واحدا من أبرز الإعلاميين الجزائريين، وهو من مواليد 1963بمدينة بسكرة، وقد قدم العديد من البرامج منها “وهديناه النجدين” و”زدني علما”، وهي برامج ثقافية وفكرية هادفة، وذاع صيته في تسعينيات القرن الماضي بتقديمه لبرنامج “خاتم سليمان”.

وتحولت صفحات المثقفين في الجزائر إلى صوان للعزاء، بسبب جائحة كورونا، التي خطفت في اليوم ذاته البروفيسور حاج ملياني عن عمر 70 سنة.

ويعتبر ملياني واحدا من أبرز النقاد والأكاديميين المتخصصين في الشأن الثقافي، وقد أثرى المكتبة الوطنية بعدة مؤلفات، وسخر الراحل جهده لخدمة التراث اللامادي والهوية والأنثربولوجيا، مخلفا وراءه رصيدا معرفيا كبيرا للطلبة والباحثين في التراث.

ووصف الشاعر الجزائري عاشور فني ملياني بـ”القيمة العلمية والقامة البحثية والإنسان الذي أوتي محبة الناس”.

وكتب الروائي الجزائري أمين الزاوي: “مات الحاج ملياني، صديق وزميل منذ عام 1985، من أكثر المثقفين نشاطا في الجزائر. مفكر في المجال والتفكير، مات الحاج ملياني والمشهد الثقافي والأكاديمي في حداد. أنا مصدوم ومذعور وداعا يا صديقي”.

ومن جهة أخرى، حملت عطلة نهاية الأسبوع أخبارا حزينة لعالم الفن التشكيلي، حيث ودعت الجزائر الفنانة الشهيرة خديجة حمسي، التي شرفت بلادها في عدة مناسبات دولية، وفي رصيدها أكثر من 40 سنة من العمل على ترقية الهوية الأمازيغية.

وتعتبر حمسي واحدة من أبرز الفنانات اللواتي ساهمن في الترويج للثقافة الأمازيغية، وهي التي أشرفت على تصميم ملابس أهم الأفلام الجزائرية الناطقة باللغة الأمازيغية وأبرزها على الإطلاق فيلم “جبل باية” للمخرج الراحل عز الدين مدور.

وجاءت هذه الأخبار بالتزامن مع عودة ارتفاع أعداد إصابات كورونا في الجزائر، حيث انتشرت عدة سلالات منها الهندية والبريطانية.

وحذرت وزارة الصحة من عودة الحائجة بالنظر لتشبع مستشفيات العاصمة والبليدة وتيبازة والمدن الكبرى الأخرى بعدد المصابين.

وقال الباحث في علم الأوبئة والمختص في الطب الوقائي بمستشفى تيبازة، البروفيسور عبد الرزاق بوعمرة، إن كل المؤشرات العلمية تؤكد أننا في بداية الموجة الثالثة لكورونا، والسبب يعود للانتشار الواسع للسلالة البريطانية في بلادنا.

وفي أسبوع واحد، تسببت الجائحة في فقدان الجزائر لعدد من الأكاديميين والمحللين البارزين، على غرار الدكتور الطاهر بن خرف الله، والعقيد المتقاعد في الجيش المختص في الشؤون الأمنية أحمد كروش.

وأمام هذا الوضع الصحي المعقد، تواصل السلطات الصحية جهودها لمحاصرة الوباء، وذلك من خلال تكثيف حملات التطعيم المجانية ضد كورونا منذ يناير الماضي.

وتشير أرقام وزارة الصحة بالجزائر إلى أن إجمالي الحالات المؤكدة منذ مارس 2020 بلغ حاول 150 ألف إصابة مؤكدة، بينما بلغ العدد الإجمالي للمصابين الذين تماثلوا للشفاء نحو 97 ألف شخص، والعدد الإجمالي للوفيات 3726 حالة.