الدورة 74 لمهرجان كان السينمائي.. حنين لزمن ما قبل كورونا

ولعل أهم ما يميز هذا الحنين هو “أفيش” (ملصق) المهرجان الشهير، الذي جاء هذه المرة باللونين الرمادي والأبيض.

كما يطبع هذا الحنين فيلم الافتتاح “أنيت” للمخرج الفرنسي لويس كاراكس، الذي جاء بنكهة الموسيقى الكلاسيكية القادمة من زمن السبعينيات.

“كان” أو مدينة البحر والسينما، تعيش اليوم بإحساس الفخر والتحدي، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على انطلاق فعاليات المهرجان، معلنة بذلك تجاوز أزمة الجائحة وكل ما حملته من متاعب وأرق للعالم.

تزامن المهرجان مع دخول فرنسا مرحلة “اللاحجر”، رغم أننا لمسنا حرص إدارة المهرجان على سلامة الزوار، من خلال فرض إجراءت احترازية تبدو مشددة، مقارنة بأجواء الحياة في شوراع المدينة.

فمن من إثبات الزائر لسلامته من فيروس كورونا، إلى فرض التعامل الإلكتروني في نظام التذاكر على الجميع، إضافة إلى مرافقة نجوم هوليود على البساط الأحمر الأشهر في تاريخ السينما.

كان.. العرس الكبير للمدينة

ويصف جون بيار، وهو أحد سكان المدينة – الذي اعتاد على عرض بيته للإيجار أمام زوار المهرجان – الأجواء هذه الأيام بالعودة الجميلة، وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “حزننا كثيرا لغياب المهرجان عام 2020، لأنه الابن المدلل للمدينة”.

فقد تعلق سكان كان، التي يبلغ عدد سكانها 73 ألفا، بهذا الحدث السينمائي، منذ أول دورة أقيمت عام 1946، لتتحول المدينة بفضله لعنوان يتمنى زيارته كل سكان العالم.

ورغم أن مشاهدة السياح في المدينة ليس أمرا غريبا على السكان الأصليين، إلا أن زوار السينما لهم نكهة خاصة في أعين “ليكانوا”.

ولا يتعلق الأمر فقط بنجوم هوليود والسينما العالمية، فحتى أبسط زائر يحل ضيفا خلال هذه الفترة يتحول إلى نجم في حد ذاته في أعين أصحاب المحلات.

“إنه العرس الكبير”، يقول صاحب أحد المطاعم المقابلة لقصر المهرجان، موضحا لـ”سكاي نيوز عربية” أن عام 2020 الذي شهد دورة مصغرة للمهرجان حضرها سكان المدينة وبعض الضيوف من فرنسا، لم تستطع أن تعوض حلاوة مشاهدة مئات الصحفيين والسينمائيين القادمين من مختلف دول العالم، وهم يحملون شارات الاعتماد ويتجولون في المدينة ليل نهار.

ويبدو أن الدورة الـ74 من المهرجان دفعت فاتورة غالية بسبب الجائحة، وقد تجسد ذلك في التقليل من مستوى الخدمات المقدمة للزوار وخاصة الصحفيين. وقد توجهت الإدارة إلى اعتماد أنظمة جديدة لتعويض ذلك العجز، احتراما للبروتوكول الصحي الذي تمت صياغته بالتنسيق بين إدارة المهرجان ووزارة الصحة الفرنسية.

عشاق السينما رغم كل شيء

البروتوكول الصحي لم يحرم الزوار من متعة المهرجان، فالبهجة لم تغادر البساط الأحمر الذي استقبل في اليوم الأول عددا كبيرا من النجوم على رأسهم النجمة جودي فوستر.

في المقابل، فإن هذه الإجراءات حرمت عددا من أصدقاء المهرجان من حضور دورة 2021، من بينهم الصحفي الفرنسي جونثان بيكو، الذي استمر في تغطية فعاليات المهرجان منذ عام 2013، إلا أن الحظ لم يسعفه للحصول على اعتماد رسمي هذه السنة. ورغم ذلك قرر السفر من مدينة نانت الفرنسية والوقوف تحت أشعة الشمس مثله مثل عشرات الفرنسيين من عشاق السينما من أجل الحصول على دعوة أو تذكرة.

يقول جنثان بيكو لموقع “سكان نيوز عربية”: “لقد سافرت مسافة طويلة من أجل كان”رغم أنني لم أتمكن من الحصول على اعتماد بحكم أن الموقع الذي أكتب فيه، ليس كبيرا مقارنة بوسائل الإعلام الفرنسية القوية”.

تحدثنا إلى جنثان وهو يقف مقابل طابور طويل من المحظوظين الذي يمتكلون تذكرة إلا أن بعضا منهم قد يتردد في الدخول للعرض أو لا يتمكن بسبب طارئ يلزمه بمغادرة المكان.

إنه مهرجان كان، أو لعبة الحظ الكبرى، التي لا تتعلق بالحضور فقط، بل أيضا بالسينمائيين الذين يدخلون المسابقة الرسمية. وهذه السنة هناك 24 مخرجا، من بينهم ثلاثة نساء، يتنافسون بأفلامهم على السعفة الذهبية أمام لجنة تحكيم قوية، يقودها مخرج وسيناريست أميركي عنيد جدا، اسمه سبايك لي.

مشاركة عربية مقبولة

ووسط جدول العروض المزدحم بالأفلام، عثرت السينما العربية عن مكان لها في ثلاث مسابقات أهمها المسابقة الرسمية، وذلك بفيلم “على صوتك” للمخرج المغربي نبيل عيوش، الذي يصنف في خانة المخرجين المدللين في كان على غرار الجزائري رشيد بوشارب الذي كان من بين أبرز الضيوف العرب على البساط الأحمر في حفل الافتتاح، رفقة المخرجة التونسية كوثر بن هنية.

كما تشارك تونس في مسابقة “أسبوع النقاد” بفيلم “مجنون فرح” للمخرجة ليلى بوزيد، وتحضر مصر بفيلم “ريش” للمخرج المصري عمر الزهيري.

هذا الأمر يجعل من الكاتب الفرنسي إيمانيول غوبان المتخصص في السينما، جد متفائل بمستقبل الدورة الحالية، كما قال لـ”سكاي نيوز عربية” إن هناك تشكيلة متميزة من الأفلام وهناك رهانا على عودة الصناعة السينمائية.