تطبيق إيراني للزواج.. وناشطون: مصيدة

التطبيق هو الوحيد المُرخص في إيران، بالرغم من وجود أكثر من 700 تطبيق مماثل آخر تلقى رواجاً كبيراً، ويبدو أن هذا ما دفع بالسلطات الإيرانية للتفكير بحظر كل تلك التطبيقات، واحتكار هذا المجال عبر تطبيق “همدام”، الذي يعني اسمه “الرفيق”.

تفاصيل التطبيق

حسب التفاصيل، فإن الراغبين بالزواج من الجنسين، يستطيعون التقدم لإنشاء حساب في التطبيق، ويخضعون لعدة اختبارات نفسية واجتماعية وثقافية من قِبل الخبراء المشرفين على التطبيق ثم يقومون بإرسال تلك المعلومات إلى مجموعة من الذين يطلبون نفس المعايير التي تتوصل إليها الاختبارات.

التطبيق المذكور لن يكون مجانياً، لكن المبالغ المدفوعة ستكون رمزية، حسبما قال مدير المشروع محمود غولزاري، مشيرا إلى أن ميزانية ضخمة تُقدر بحوالى 16 مليون دولار خُصصت للمشروع، الذي يوظف قرابة 200 خبير وموظف مشرف.

وقال غولزاري إن التطبيق جذب خلال أول يومين أكثر من 70 ألف طالب للزواج، تمكن من تسجيل 3500 منهم كحالات ارتباط وزواج رسمية.

رعاية رفيعة المستوى

رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، حضر حفل إعلان إطلاق التطبيق، إلى جانب أقارب من عائلة المُرشد الإيراني، علي خامنئي، مما يعني أن التطبيق يحظى برعاية رسمية كبيرة.

وقال قاليباف إن التطبيق يأتي”استجابة لدعوات المُرشد المُتكررة لزيادة الانجاب في إيران”، مُضيفاً “أن التذرع بالوضع الاقتصادي لا يُمكن أن يكون حجرة عثرة أمام الإقدام على الزواج”.

 

 

انتقادات شديدة

في المقابل، المنظمات النسوية والناشطون المدنيون وجهوا انتقادات إلى التطبيق ورعاية السلطات له.

وقال إنه محاولة لتحويل الحياة الزوجية والعائلية من كونها فضاء ومؤسسة للحُب وبناء الحياة المُشتركة، إلى مُجرد شركة لإنجاب الأطفال وممارسة الحياة الجنسية.و

وذكّر هؤلاء السلطات الإيرانية بواجباتها الدستورية والقانونية، المتمثلة بتوفير من الاستقرار السياسي والأمان الاقتصادي والراحة الأمني، بحيث لا يكون الشبان والشابات الإيرانيين بخشية من بناء حياة أسرية مشتركة تتطلب الكثير من المسؤولية.

توجس شبابي من التطبيق

وأبعد من ذلك، عبر الكثير من الإيرانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن عدم ثقتهم بالتطبيق الجديد، لأن إمكانية اختراقه لا تبدو صعبة، وتالياً ستكون معلوماتهم الشخصية متاحة ومؤرشفة لصالح الجهات المُخترقة، بما في ذلك صورهم الشخصيات.

الناشط السياسي الإيراني نهوند رافعي، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” مرامي السُلطات الإيرانية لمثل هذا التطبيق الجديد.

وقال رافعي: “منذ العام 2009، أثناء الثورة الخضراء الشهيرة في إيران، فإن الأجهزة الأمنية الإيرانية اكتشفت وجود حملات مناصرة وتكاتف وتعاون بين مختلف الشُبان الإيرانيين على التطبيقات الاجتماعية غير الشهيرة، وكانت تطبيقات التعارف والزواج أكثرها فاعلية، لأنها كانت الأكثر جذباً للذين تتراوح أعمارهم بين 15-35 عاماً. وحينما كانت تخترق تلك التطبيقات، فإنها كانت تواجه مجموعة ضخمة من الأسماء الرمزية غير الدالة”.

وأضاف رافعي: “سيكون التطبيق الأخير بمثابة أداة مباشرة لمراقبة الحياة الخاصة والخيارات العامة لعدد ضخم من المواطنين الإيرانيين. كما ستسعى السلطات الحاكمة لتجريم المشرفين أو المشاركين في التطبيقات المثيلة، مما سيعني أن هذا التطبيق سيتحول إلى مثابة نافذة وحيدة للشبان والشابات الإيرانيين للتعارف والتواصل وإمكانية عقد اشكال الارتباط”.

محاولة للتملص

الناشطة النسوية الإيرانية، ميار حافظ أدلي، قالت لموقع “سكاي نيوز عربية” إن هذا المشروع، مثل غيره الكثير، فهو محاولة للهروب إلى الأمام، للتوهم بتجاوز السؤال الرئيسي والجوهري في البلاد، فأكثر من ثُلث الإيرانيين البالغين يُعيشون في حالة عزوبية، تقدرهم الإحصاءات الرسمية بـ13 مليون إيراني، نصفهم تماماً تجاوزا سن الزواج تماماً”.

وتابعت: “كما أن ثُلث حالات الزواج في إيران منذ العام 2017 قد انتهت بالطلاق خلال اقل من عامين. فالمركز الوطني للمعلومات، وهو مركز حكومي رسمي، يقول حرفياً بأن ثلث الإيرانيين الذين ولدوا خلال العام 1980 لم يُقدموا على الزواج حتى الآن، أي مع دخولهم لسن الأربعين”.

وأردفت: “ثمة سلطة سياسية واحدة في البلاد، متحكمة ومُديرة لكل تفصيل في حياة الناس، لأنها سلطة شمولية الحُكم ومركزية الإدارة، وهي مسؤولة عن كل تفصيل من هذا، لكنها تفضل القفز والقول بأن الحل هو بمجموعة من الإجراءات الترقيعية، مثل هذا التطبيق، وليس في تبديل التوجهات الكُبرى للسلطات الحاكمة، التي يُمكن لها أن تُغير من مستقبل ملايين الشُبان”.