عودة الكتب “المحرمة”.. السودانيون يستعيدون شغف القراءة

وانتشرت خلال الفترة الأخيرة في السودان ظاهرة المعارض المفتوحة للكتاب، دون أي قيود على العناوين التي كانت تعتبر من المحرمات قبل الإطاحة بنظام الإخوان في أبريل 2019.

 قيود شديدة

وعانى المثقفون خاصة المهتمين بالكتب، في السودان، طوال العقود الثلاثة التي سبقت ثورة ديسمبر الشعبية، من إجراءات كان تفرض عليهم، تمثّلت في مصادرة الكتب ووضع قيود على توزيعها.

هذه الإجراءات العقابية أسهمت في تشريد آلاف الكُتّاب والمثقفين، وإغلاق المئات من دور النشر، مما أدى إلى تراجع معدلات القراءة وسط شعب عرِف في السابق كواحد من أكثر شعوب العالم اهتماما بالقراءة والاطلاع.

ودرج جهاز أمن المخلوع عمر البشير، على مصادرة العديد الكتب والعناوين الجديدة في المعابر البرية والجوية والبحرية، مما كبد دور النشر والتوزيع خسائر فادحة.

استهداف ممنهج

وظل معرض الخرطوم الدولي للكتاب، وهو فعالية ثقافية تُقام سنويا في العاصمة السودانية الخرطوم، يعرض أحدث الإصدارات بمشاركة دُور نشرٍ عربية، ويخضع لعمليات رقابة ومصادرة ممنهجة من قبل جهاز أمن النظام المعزول.

كما عمل الجهاز على استهداف معارض الكتب التي تُقام في الهواء الطلق كمعرض “مفروش”، وهي مُبادرة أطلقها ناشطون لإحياء العمل الثقافي والتشجيع على القراءة؛ وكان يعرض سرا الكتب التي طالها يد الرقيب ومنعت من التوزيع بأسعارٍ رمزية.

ويقول مصطفى محمد الشاعر، وهو صاحب دار نشر وتوزيع في العاصمة الخرطوم، لموقع سكاي نيوز عربية، إن الكثير من الكتب الثقافية والسياسية تعرضت خلال سنوات النظام السابق للمصادرة قبل عرضها للقراء. وأضاف: “بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني تحرّرت العديد من الكتب من القيود المفروضة عليها، فباتت في متناول يد الجميع”.

تحول ملحوظ

اليوم بعد سقوط نظام الإخوان، انتعشت أسواق “الورّاقين” بعد أن تحرَّرت من أيدي “الرقيب”، وعادت المعارض في عرض الكتب حتى تلك التي طالتها أيادي الرقيب ومصادرات إدارة “المصنفات الأدبيٍة والفنية”.

ويؤكد المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة ولاية الخرطوم، يوسف حمد، لموقع سكاي نيوز عريية، وقوع تحول كبير في أعقابِ الثورة. ويشدد حمد على ان الوزارة ستعمل على تعزيز مناخ الحريات في الجانب الخاص بحرية الكتابة وصناعة الكُتَاب وخلق الفضاء العام الثقافي والمعرفي.

وأضاف: “أثبت الواقع رغبة السودانيين في تبادل المعرفة، عليه فإن وضع القيود على الكتب لا يعدو كونه عملية مُستحيلة في ظل فضاء الإنترنت فائق السرعة، وهي عملية ضد الثقافة في المقام الأول.

ووفقا لحمد فإن الوزارة بصدد إنشاء أكبر مكان ثقافي بوسط الخرطوم، في منطقة شارع “القصر” الشهير، إذ تعمل على تصميم وتنفيذ مشروع عرض دائم للكتاب يمتد على طول أكثر من كيلومتر؛ لتمكين العشرات من الورّاقين الذين يفترشون الأرض بكتبهم، وكذلك العشرات من دُور النشر لعرض الكتب بشكل دائم.