رشيد طه.. مطرب تملك قلوب الجزائريين رغم “الرحيل”

ويملك رشيد طه، الذي تحل ذكرى ميلاده يوم السبت 18 سبتمبر، بعد أيام قليلة من ذكرى وفاته في 12 من نفس الشهر، لونا خاصا، جمع سحر الكلمات الشعبية مع توزيع موسيقي غربي.

ولد عام 1958 في خضم ثورة التحرير الجزائرية، وهاجر مع أسرته لفرنسا وعمره 10 سنوات، ضمن الجيل الأول من المهاجرين في ستينيات القرن الماضي.

الحياة في فرنسا لم تكن وردية، حيث عمل والده في مصنع نسيج لأكثر من 10 ساعات يوميا، وعمل رشيد في سن الـ15 في مصانع الطوب والحانات والمطاعم، وقضى ليال مظلمة خفّف قسوتها بالموسيقى.

انطلق بتشكيل فرقة موسيقية مع أصدقائه باسم “بطاقة إقامة” (Carte de Séjour)، وتقديم “الروك العربي” بإيقاع الراي الجزائري. وفي عام 1990 عمل منفردا وأدخل الرقص إلى موسيقاه.

أسباب الشهرة

وبين عامي 1996 و2000، أطلق ألبوماته “أوليه أوليه، و”ديوان”، و”صنع في المدينة”، محققا انتشارا نسبيا، وركز على اللون المميز للموسيقى الجزائرية، مستدعيا أغنية قديمة ترددت بين أسرى ثورة المقراني في الجزائر، حين نفى المحتل الفرنسي 2500 جزائري لجزيرة كاليدونيا النائية، تقول: “قولوا لأمي ما تبكيش.. ولدك ربي ما يخليش“.

نجاح أغنية “يا المنفى” شجعه على تكرار التجربة مع أغنية “يا رايح“، وهي سبب شهرته في المنطقة العربية، وسمعها ملايين البشر في العالم.

وترجع الأغنية في الأصل لصاحبها دحمان الحراشي، الذي انتقد فيها هجرة الجزائريين لفرنسا، وتقول: “شحال شفت البلدان العامرين والبر الخالي.. شحال ضيعت أوقات وشحال تزيد ما زال تخلي.. يا الغايب في بلاد الناس شحال تعيا ما تجري.. بيك وعد القدرة ولى زمان وأنت ما تدري“.

وتقول الصحفية الجزائرية، إلهام بوتلجي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “رغم أنه عاش في فرنسا، فإنه حمل الجزائر في قلبه وكان محبوبها؛ لأنه ساعد المهاجرين ضد العنصرية“.

وأضافت: “إنه مغنٍ بسيط وصل للعالمية لكونه يحرص على التجدد، ومزج الراي والروك؛ فغنى بالفرنسية بمزيج مع الدارجة الجزائرية“.

وتابعت: “بعد مماته ظلت حالته ممتدة عند الجزائريين رغم قلة أعماله، لأنه كان يغني واقعهم”.

الانتشار الواسع

ومن أشهر أغانيه “برة برة” لدخولها في فيلم “بلاك هوك داون”، و”يا الرايح” لدحمان الحراشي، و”روك القصبة” التي غنّاها بالعربية مع فرقة ذا كلاش، وأغنية “عبد القادر” مع الشاب خالد والشاب فضيل، و”يا منفي”، وألبومات “ديوان”، و”تيكتوي” و”ديوان 2″ و”أوليه أوليه”، و”بونجور“.

فرقة The Clash البريطانية أخذت من موسيقاه وكلماته في أغنية Rock The Casbah وصنفتها صحيفة The Guardian ضمن أفضل 50 أغنية في القرن العشرين.

ورغم نبرة التحدي والتمرد في أغانيه، فإن طه كان مريضا بمرض نادر هو “متلازمة أرنولد كيارى”، الذي أصابه في سن 27، وسبب له تشوها خلقيا في المخيخ المسؤول عن توازن الجسم، حيث يصيب صاحبه باضطرابات عصبية.

وأجرى الراحل عمليتين في ذراعه اليمنى، لكنه أصيب بشلل تام في آخر أيامه. وبعد أزمة قلبية فاجأته خلال نومه في 12 سبتمبر 2018، توفي في باريس عن عمر ناهز 59 عاما، ليترك “هموم العباد الغافلين” مثلما قالت أغنيته الشهيرة “يا رايح”.