“إلى أين نذهب”.. مصير مجهول للنساء المعنفات في كابل

“لا أعرف إلى أين أذهب”.. بهذه الكلمات عبّرت زاري، إحدى النساء الأفغانيات المعنفات التي تعيش في أحد ملاجئ العاصمة كابل، بعد سيطرة حركة طالبان على المدينة، في ظل مصير مجهول ينتظرهن كغيرهن من النساء الأفغانيات.

فبين عشية وضحاها، تحول المبنى الذي يؤويها من ملاذها الآمن إلى مكان خطير، حيث تعرضت للتهديد من قبل الموظفين الجدد الموالين لطالبان الذين هددوا حياتها.

وكانت زاري إحدى النساء المعنفات، تبلغ من العمر سبع سنوات عندما مات والداها، ما أجبرها على الانتقال للعيش مع عمها، لكن عندما توفي بعد أربع سنوات، تعرضت للضرب من أرملته وأجبرتها على العمل لساعات طويلة في نسج السجاد وخلال سنوات مراهقتها، حاولت زاري الانتحار.

وبعد محاولتها الانتحار، انتقلت الفتاة، البالغة من العمر الآن 28 عاماً، إلى ملجأ للنساء المعنفات. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، كوّنت صداقات وتعلمت خياطة الملابس، وفي النهاية علمت الأخريات أن يفعلن الشيء نفسه.

لكن مع سيطرة طالبان الآن على أفغانستان، فإنها تخاطر بفقدان كل شيء مرة أخرى، وفق ما تحدثت به إلى صحيفة “الغارديان” البريطانية.

نساء وأطفال في أحد ملاجئ كابل (أ ب)

نساء وأطفال في أحد ملاجئ كابل (أ ب)

البدايات

وبدأت القصة بعد فترة وجيزة من وصول طالبان إلى السلطة في منتصف أغسطس الماضي، حيث أرسل الملجأ الصغير العديد من قاطنيه إلى منازلهم ولم يتبق سوى زاري وأربع نساء أخريات ليس لهن أسرة.

فالملجأ هذا واحد من حوالي 30 منشأة من هذا النوع في أفغانستان، أسسوا على مدار العشرين عاماً الماضية، حيث تم حل معظم قضايا النساء في غضون أشهر، لكن بعضهن أمضين سنوات في الملجأ، وتعلمن مهارات جديدة حتى يتمكنّ من إعادة الاندماج في المجتمع.

وعلى مدار الأسابيع الستة الماضية، اختفى شريان الحياة في هذه الملاجئ تقريباً حيث أغلقت معظمها بناء على طلب طالبان.

نساء وأطفال في أحد سجون كابل (أ ب)

نساء وأطفال في أحد سجون كابل (أ ب)

مصير مجهول

ويعني ذلك أن النساء أعدن إلى منازلهن، وغالباً ما يتم إعادتهن إلى المعتدين عليهن، أو نقلهن إلى أماكن سرية. وبالنسبة لأولئك اللواتي ما زلن يعملن، مثل زاري، فإن المستقبل مجهول وغير مضمون.

بدورها، قالت محبوبة سراج، ناشطة مخضرمة في مجال حقوق المرأة ومديرة ملجأ لـ 30 امرأة في كابل، إن طالبان ما زالت تفكر فيما يجب فعله حيال ملاجئ النساء. وأضافت “إنهم يخشون أن تغادر النساء الملاجئ، وينتهي بهم الأمر في الشوارع”.

وقبل أسبوعين، زار 15 من ضباط شرطة طالبان، بما في ذلك الشرطة السرية، الملجأ الذي تديره سراج على مدار عدة أيام، وسجلوا أسماء السكان وتطفلوا حولهم. وأضافت أن النساء كن يغطين وجوههن حتى لا يمكن التعرف عليهن.

وأوضحت سراج، وهي المؤسسة لشبكة المرأة الأفغانية، وهي مجموعة حقوقية شاملة، أنها تريد أن تعرف ما الذي تخططه طالبان للنساء اللائي يتعرضن للإساءة.

امرأة في ملجأ بكابل (أ ب)

امرأة في ملجأ بكابل (أ ب)

نصف الأفغانيات تعرضن للعنف

يشار إلى أنه رغم القانون التاريخي لعام 2009 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، فإن أكثر من نصف النساء الأفغانيات أبلغن عن تعرضهن للاعتداء الجسدي، ومن المتزوجات، 59% منهن كن مرتبطات قسرياً، وفقاً لدراسات حكومية.

يذكر أن الأمم المتحدة تمكنت في وقت سابق من الشهر الجاري، من تأمين 1.2 مليار دولار من الدعم الطارئ لأفغانستان، لكن ليس هناك ما يضمن أن يكون جزء من هذه الأموال لدعم المرأة أو حالات العنف الاجتماعي.

ووجد تقرير صادر عن لجنة الإنقاذ الدولية لعام 2019، أن 0.2% فقط من التمويل الإنساني العالمي في الفترة من 2016 إلى 2018 قد عالج العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.