نظرة في “علم النفس” للمسلسل الكوري الذي حطم الأرقام

نجاح المسلسل الكوري وصفه نائب رئيس ” نيتفلكس” للمحتوى في كوريا الجنوبية وجنوب شرق آسيا وأستراليا ونيوزيلندا، مين يونغ كيم، بأنه تجاوز أحلامهم الجامحة.

وأضاف كيم في تصريحات صحفية: “عندما بدأنا الاستثمار في المسلسلات والأفلام الكورية لأول مرة عام 2015، كنا نعلم أننا نريد إنشاء قصص ذات مستوى عالمي لمحبي المحتوى الكوري الأساسيين في جميع أنحاء آسيا والعالم، لكن يمكن اعتبار (لعبة الحبار) بداية فصل جديد تماما للدراما الكورية”.

وتدور أحداث مسلسل (لعبة الحبار) الذي عُرض منه الجزء الأول فقط، من أصل 9 أجزاء، حول مجموعة أشخاص غارقين في الديون، يتنافسون خلال مسابقة غريبة من أجل الفوز بمبلغ يعادل نحو 38 مليون دولار، واللاعب الذي يخفق في أي لعبة من ألعاب المسابقة يكون مصيره الموت.

جدل واسع

رغم النجاح الكبير لمسلسل “لعبة الحبار”، إلا أنه أثار جدلا واسعا لما يتضمنه من مشاهد عنيفة، وسط مخاوف كبيرة من المؤسسات التعليمية بتأثر الأطفال بالألعاب التي يعرضها المسلسل الكوري.

ووفقا لموقع “مترو”، بدأت عدد من المدارس البريطانية في إرسال خطابات تحذيرية إلى الأسر تشير إلى خطورة مشاهدة الأطفال لمسلسل “لعبة الحبار”.

وبنفس الطريقة، قامت عدد من المدارس العربية بتحذير أسر الطلاب من السماح للصغار بمشاهدة “لعبة الحبار”، وهو ما تحدثت عنه الفنانة المصرية أيتن عامر عبر تغريدة على حسابها الرسمي.

حالة الجدل التي أثارها مسلسل “لعبة الحبار” بالإضافة إلى شعبيته الكبيرة فتحت باب التساؤل حول المتعة التي يحصل عليها الجمهور بمشاهدة الصراعات الدموية على الشاشات الصغيرة والكبيرة.

عالم موازي

من جانبه، يقول الاستشاري النفسي، الدكتور عبد المحسن دغيم، إن الأعمال الدرامية العنيفة بشكل عام تكون جذابة للأطفال والمراهقين أكثر من الفئات العمرية الأكبر، لأنها تتيح لهم تقمص أدوار البطولة في العالم الموازي الذي أمامهم على الشاشة، وفي الأغلب يكون هذا العالم بلا قواعد، وهي تجربة يتمنى الطفل أو المراهق خوضها على أرض الواقع.

ويضيف دغيم لموقع سكاي نيوز عربية: “الفئات العمرية الأكبر تتأثر أيضا بهذه الأعمال لكن بصورة أقل، وبشكلٍ عام لا يمكن القول إن هناك تأثير واحد على فئة عمرية معينة نتيجة لمشاهدة عمل درامي معين، حيث تختلف ردود الأفعال باختلاف أنماط الشخصيات”.

ويتابع دغيم قائلا: “على سبيل المثال، يمكن لطفلين مشاهدة نفس العمل الدرامي الذي يتضمن عدد من المشاهد والأفكار العنيفة، لكن بتأثير مختلف، فإذا كان الطفل الأول يتعرض للعنف والتنمر سيكون العمل مؤلما بالنسبة له، وإذا كان الطفل الآخر يملك بالفعل نية للممارسة العنف بمختلف أشكاله، سيخلق العمل الدرامي دوافعًا أقوى لديه للتصرف بعنف تجاه الآخرين، بل من الممكن أن يعتمد على الخطط المؤذية التي شاهدها خلال العمل”.

ويُشار إلى أن المسلسل الكوري يتضمن عددا من الألعاب النفسية، مثل أن يكون قرار مغادرة اللعبة جماعيا، فلا يمكنك الانسحاب من اللعبة بشكل منفرد، وأن كل لاعب يمكنه قتل أي لاعب آخر خلال ساعات النوم، من أجل تقليل عدد اللاعبين المشاركين في ألعاب المسابقة، وغيرها من الاختبارات القاسية التي يتعرض لها لاعبو المسابقة.

وتعرض هذه المسابقة أمام أعين حفنة من الأغنياء الذين يجدون متعة ما في مشاهدة أصحاب الديون وهم يتنافسون حتى الموت للحصول على جائزة مالية قادرة على تغيير مسار حياتهم بالكامل.

سباق “الطائرة والحمار”

كما يوضح الاستشاري النفسي أن النظريات التي تتحدث حول قدرة الأعمال الدرامية المصنفة كأعمال عنف أو رعب على تفريغ الطاقة السلبية لدى المشاهد ليست واقعية وبعيدة عن أرض الواقع.

ويتوجه عبد المحسن دغيم بحديثه إلى دور توعية الأطفال حول خطورة التأثر بالأعمال الدرامية الشبيهة بـ”لعبة الحبار” قائلا: “من المهم أن يتحدث الآباء والأمهات مع أبنائهم حول التأثير السلبي، الناتج عن متابعة الأعمال الفنية العنيفة، وأنها بمثابة دراما غير صحية قادرة على زرع عديد من الأفكار السلبية في عقولهم”.

ويردف: “دور التوعية هنا لا يتعلق بالأسرة فقط، بل بالمؤسسات التعليمية والإعلامية أيضا”.

قيود الفن

السؤال الهام الآخر الذي أثاره مسلسل “لعبة الحبار” هو هل توجد قيود للفن؟ أو هل يحتاج صانع العمل الفني إلى طريقة أقل قسوة من أجل التعبير عن فكرته؟

في هذا الصدد، توضح الناقدة الفنية ماجدة موريس أنه لا يمكن إجبار أي كاتب على تعبير عن عالم بعيد عن الواقع الذي يعيشه الناس، لكن يمكن مناقشته حول طريقة عرض الفكرة فقط.

وتضيف موريس لموقع سكاي نيوز عربية: “كل المطلوب من صانع العمل الدرامي ألا يكون وسيلة لتعزيز حب الجريمة لدى الجمهور وبالأخص الأطفال والمراهقين، تقديرًا لمدى تأثير الفن على المتلقي”.

كما تشير الناقدة الفنية إلى هناك أدوات يمكن الاعتماد عليها من قبل صانع العمل لتجنب التأثير السلبي لعمله الفني على الجمهور مثل: وجود عناصر تمثل جانب الخير في العمل بشكل جذاب، وإبراز الأضرار الناتجة عن ممارسة السلوكيات المؤذية والعنيفة بشكل يغطي على بريق الشخصية الشريرة، وإتاحة مساحة كافية داخل العمل لمناقشة هذا الجانب.