قصة الوفاء.. فيديو لمغربي ينقذ صديقه بـ”عربة فشار”

لم يكن أمام نوح سوى أن يجوب شوارع مدينته، جارا عربة “الأمل” لبيع الفشار، وكله إيمان بأن مبادرته ستمكنه من جمع مبلغ يساعد صديقه، الذي يعالج بمصحة خاصة، وتنتظره عمليات جراحية على قلبه العليل.

هذه المبادرة الإنسانية المميزة، أثارت إعجاب الكثيرين بعدما تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلتها أيضا بعض القنوات التلفزيونية المحلية والعربية.

بداية حكاية العربة

يحكي صاحب مبادرة عربة الفشار، نوح بوفرو، أن “بداية فكرة بيع الفشار كانت عندما علم عن طريق فيسبوك أن صديقه الذي تقاسم معه السكن بالحي الجامعي فاس سايس بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عامي 2012 و2013، طريح الفراش وفي وضع صحي حرج جدا”.

في تصريحه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، قال نوح: “تفاجأت في البداية من كون صديقي طريح الفراش، لأني كنت أعرفه بصحة جيدة ولم يكن يتناول أي أدوية”.

وتابع المتحدث ذاته، أنه “علم حينها أن معارف صديقه المريض يجمعون له تبرعات مالية، فتحركت فيه مشاعر الصداقة والأخوة باعتباره أولى بمساعدة رفقيه في السكن سابقا”.

لذلك “قررت أن أبدأ في جمع التبرعات المالية لكي يتغلب على هذه المرحلة الحرجة. لكني اخترت التريث والبحث عن فكرة مميزة تلقى رواجا كبيرا لكي أجمع فيها مبلغا مهما في مدة وجيزة”، يردف نوح.

وزاد قائلا: ” ثم جاءت فكرة عربة الفشار لبساطتها؛ لأن إعداد الفشار لا يتطلب أي خبرة مسبقة. غير أنه كان هناك تحدٍّ آخر في أن أجد عربة للفشار صالحة للاستعمال”.

لجأ نوح إلى فيسبوك مرة أخرى، فأطلق على صفحته الشخصية إعلان بحث عن عربة فشار للإعارة لمدة أسبوعين على الأكثر من أجل عمل خيري.

لم يخب أمل الشاب الثلاثيني، إذ تمكن فعلا من العثور على العربة عن طريق صديق مقرب، فقام بتنظيفها وصيانتها كخطوة أولى، ثم قصد بعدها مباشرة الساحة الرئيسية بالمدينة التي تعرف توافد الساكنة في الفترة المسائية.

تفاعل كبير ومبالغ مهمة

في يومه الأول لقي بائع الفشار تفاعلا كبيرا مع مبادرته، ما جعله يتمكن من جمع مبلغ يقدر بـ2200 درهم (حوالي 200 دولار).

كان أول الغيث مبلغا لا بأس به، “فاستمرت عملية بيع الفشار على عربة الأمل لمدة لا تزيد عن 10 أيام لا غير ثم توقفت، لأن هدفي من المبادرة أن أكمل لصديقي مبلغ العملية الجراحية المستعجلة على القلب، والتي حددها الطبيب المعالج في 370 ألف درهم (حوالي 40 ألف دولار)”، يقول المتحدث ذاته.

وأوضح نوح، أن “ما جمعه خلال هذه المدة بعربة الفشار بلغ 164 ألف درهم (حوالي 17 ألف دولار)، وهو تقريبا نصف المبلغ المخصص للعملية الجراحية الدقيقة التي سيجريها صديقه بمصحة خاصة بمدينة مراكش”.

واستطرد صاحب عربة الفشار، أن هذا “المبلغ حققه في اليوم التاسع من مبادرته، ليضيف يوما عاشرا من أجل ضمان مصاريف ما بعد العلاج لصديقه عثمان”.

كما أشار نوح، إلى أن “أبناء مدينة صديقه الذي يتحدر من مدينة آسا (جنوب)، قاموا من جانبهم بمبادرات لجميع تبرعات لعلاج ابن مدينتهم، وقد تمكنوا من توفير نصف مبلغ العلاج من جهتهم”.

وأبرز المصدر في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “بفضل هذه التبرعات المالية استطاع صديقه عثمان أن يتجاوز المرحلة الأولى من عمليات جراحية أولية للقسطرة، في انتظار موعد إجرائه للعملية الدقيقة”.

صناعة المحتوى والعمل الخيري

لم تكن مبادرة نوح هذه، التي اختارها أن تكون فردية، هي الأولى من نوعها، بل سبق أن قام بمبادرات خيرية سابقة، وقد “ساعدني على ذلك اشتغالي بصناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي الذي عرفني على أبناء مدينة كلميم والصحراء بالخصوص”، يبرز صاحب عربة الفشار.

وأكد نوح، من أنه “استطاع أن يجمع ما بين صناعة المحتوى والعمل الخيري، لذلك كان هناك تفاعل كبير مع المبادرة التي أطلقتها، والتي انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي”.

كما اعتبر ذات المصدر، أن مبادرته “لم تكن تحتاج إلى انخراط الجمعيات المدنية، لأن هناك قانون ينظم عمليات التبرعات من طرف المواطنين أو الجمعيات”.

لهذا “حاولت ألا أخالف القانون باللجوء إلى عربة بيع الفشار الذي قد يتراوح ثمنه الرمزي بين درهم واحد وعشرة آلاف درهم”، يخلص نوح بوفرو، صاحب مبادرة عربة الأمل لإعادة نبض سليم لقلب صديقه العليل.