لاجئة سورية تفوز بجائزة التميز في هولندا

وصلت نورهان إلى هولندا عام 2015، بعد أن غادرت سوريا برفقة عائلتها فرارا من الحرب الدائرة في البلاد، وكانت تحمل شهادة في الصيدلة والكثير من الأمل في بلد لا تتقن لغته.

وبمجرد وصولها إلى هولندا، تبين لنورهان أنه من المستحيل استئناف حياتها المهنية كصيدلانية كما هي الحال في سوريا، إذ كان عليها لتحتفظ بمهنتها أن تعود لمقاعد الدراسة وتبدأ من الصفر، بعد أن اشتغلت لسنوات طويلة في هذا المجال، ودرسّت طلاب السنة الثالثة بكلية الصيدلة في دمشق، هذا إلى جانب متابعة دراستها في درجة الماجستير في سنتها الثانية.

وفي حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”، أكدت نورهان أنها طوت صفحة الصيدلة لأن طريقها طويل وصعب ومختلف.

وأضافت: “لم يكن هدفي أن أكرر نفسي وأعيد دراسة الصيدلة لأمارس مهنة أنا أتقنها. فاتجهت لتعلم اللغة الهولندية أولا، وتوفقت في إتقانها بشكل سريع، رغم أن سني آنذاك كان يتعدى 42 عاما”.

ومن حسن حظها، استطاعت المهاجرة السورية العمل تطوعا كمساعدة مترجمة بمدرسة ثانوية قريبة لبيتها تضم فصل تعليم للاجئين.

فكانت نورهان حلقة وصل بين التلاميذ والأساتذة من جهة، والأساتذة وعائلات التلاميذ من جهة أخرى، وهو ما توضحه قائلة: “بحكم أن الفصل كان يضم تلاميذا من إنجلترا والولايات المتحدة وأوروبا الشرقية إلى جانب التلاميذ العرب، كنت أترجم من العربي أو الإنجليزي إلى الهولندي والعكس. وفي فترة قصيرة، كان أطفال اللاجئين يتعلمون اللغة ويواصلون دراستهم بالصف الهولندي العادي، وكان كثيرون منهم يعود إلينا لندعمه في بعض المواد. لهذا كنت أقدم لهم دروسا في المواد العلمية كالرياضيات والعلوم الكيميائية بعد أن أقوم بترجمتها”.

من التطوع إلى التدريس

خلال عملها اكتشفت نورهان أنها تحب التدريس الذي مارسته بشكل مختلف في سوريا وشقت طريقها الأكاديمي نحوه.

وبحلول عام 2019، قررت الحصول على شهادة في المجال، وعادت لمقاعد الدراسة بعد أن قبلت في مشروع إعداد المدرسين بجامعة في المدينة التي تقيم بها.

وحول رحلتها في مجال إعدادها للتدريس، أوضحت نورهان: “اجتزت سنتين من التعلم بنجاح، إلا أن فترة التدريب كانت غير كافية بسبب تفشي وباء كورونا ما اضطرني لمتابعة التعلم في دورة إضافية مدتها سنة، والحصول على دبلوم تأهيل تربوي من جامعة فيندزهايم يؤهلني لتدريس مادة الكيمياء بالمدارس الثانوية“.

وبعد إجراءها لعدة مقابلات عمل، قبلت نورهان كمدرسة لمادة الكيمياء بالمدرسة الثانوية بمدينة آسن.

 

ونتيجة لسنوات من الجد والتميز العلمي، رشح أساتذة جامعة “فيندزهايم” المدرسّة السورية للمنافسة على جائزة التميز التي تمنحها مؤسسة UAF المستقلة، وهي مؤسسة تمثل مصالح الطلاب والمهنيين اللاجئين، وتقدم لهم فرصا لتطوير أنفسهم في مجال الدراسة والعمل في السوق الهولندي عبر التوجيه والدعم المالي.

وفيما يتعلق باحتمالات فوزها بالجائزة، قالت نورهان: “لم أشك أبدا في قوة ملف ترشحي، إذ كنت أملك كل مقومات الفوز بالجائزة التي كانت تكريما للمجهودات المبذولة للحصول على عمل منافس للهولنديين. وأنا حصلت على عقد تدريس لسنة كاملة وفي نفس الآن نجحت في اجتياز دبلوم التأهيل المكثف، هذا بالإضافة إلى تميز ملفي بالعمل التطوعي”.

واعتبرت نورها فوزها بالجائزة رمزيا أكثر منه ماديا، لأنها تريد عبرها أن “تحفز كل اللاجئين على البحث والعمل والتطوع في أعمال خيرية، لأن اللاجئ يجب أن يكون فاعلا في المجتمع الذي استضافه بعد أن يطور لغته. كما أنه بالصبر والإلحاح، يتحقق المستحيل”.

وبالنسبة للشق المادي، فالفائز بجائزة UAF 2021 سيحصل على فرصة متابعة الدراسة في أحد شعب معهد ICM بقيمة أربعة آلاف يورو، وهو ما أشارت إليها نورهان بالقول: “لحد الساعة، لم أختر شعبة معينة، سأشاور أساتذتي وأبدأ مشوار التعلم السنة المقبلة لأنني أركز هذه السنة على عملي الجديد”.

واختتمت نورهان حديثها مؤكدة أن “الاندماج في المجتمع الهولندي لا يحتاج إلا إلى تعلم اللغة، خصوصا أن الهولنديين لا ينظرون إلى اللاجئ بعين الشفقة، بل يفكرون في كيفية مد يد المساعدة لتطويره ودمجه”.