دراسة تظهر تلوث الشاي.. هل يهجر الموريتانيون مشروبهم المفضل؟

هذه القصة التي حصلت بالفعل تلخص علاقة الموريتاني بالشاي.. فمنذ عدة عقود ظل الشاي الأخضر المشروب المفضل للموريتانيين أينما حلّوا، لا تمنعهم صعوبة تحضيره ولا دوراته الثلاث ولا طول وقته.. لكن هذه العلاقة الوطيدة أصبحت تعتريها المنغصات من حين لآخر.

علاقة مهددة

في فبراير 2021 انتشرت شائعات عن حالات تسمم في الجارة مالي مصدرها نوعية من الشاي تستعمل بكثرة في كل من مالي وموريتانيا.

وفي الفترة بين مارس وإبريل 2021 أنجز منتدى الخبراء الموريتانيين في المهجر، دراسة لاستكشاف مخاطر تلوث الشاي المستهلك في موريتانيا إثر المخاوف التي أثارها الحديث المشار أليه.  

ويوضح محمد بابا ولد سعيد أستاذ الكيمياء في في جامعة كليرمونت فيران في فرنسا، وعضو منتدى الخبراء الموريتانيين في المهجر لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “الدراسة بدأت بجمع 28 نوعا من الشاي متداولة في السوق الموريتاني، وانتقيت منها خمس عينات هي الأكثر استهلاكا وتداولا، وخمسة تم انتقاؤها بصفة عشوائية، وكلف بها مختبر فرنسي متخصص بدراسة الشاي”.

 نتائج صادمة

أسفرت نتائج التحليل عند مختبر Phyto control الموجود في مدينة نيم في جنوب فرنسا، عن وجود ملوثات في العينات التي خضعت للتحليل، تجاوزت الحدود المسموح بها بكثير، وأظهرت وجود ثلاث مواد ملوثة في العينات العشر، وهو ما يعني حسب ولد سعيد “احتمالا قويا بوجودها في باقي العينات في السوق الموريتاني”.

وأظهرت الدراسة أن نسبة هذه المواد الملوثة تجاوزت الحد المسموح به بنسبة تتراوح بين 220% و11000%، وهي مبيدات حشرية تستعمل للحفظ.

وحسب عضو المنتدى محمد بابا سعيد، فإن “خطر هذه المبيدات لا يظهر إلا على المدى الطويل.. ومنها ما هو مسرطن وما يؤثر على الغدد أو الجينات.. فهي إذن تمثل خطرا على الصحة العمومية”

بلبلة وجدل حول الشاي

تداولت المنصات الإلكترونية الموريتانية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع تسجيلا للبروفيسور محمد بابا يعيد حول نتائج الدراسة التي أظهرت تلوث الشاي المستهلك في البلد، وقد أثار جدلا كبيرا وأسالت الكثير من الحبر على مواقع الواصل الاجتماعي، تراوح ما بين استنكار جشع التجار و لا مبالاتهم بالسلامة العامة، وبين تمسك الموريتانيين بمشروبهم العتيد مهما قيل عن أضراره.

الحكومة حاضرة

ومع تكرار استنكار تصامم الجهات المعنية في البلد وغياب الرقابة، أصدرت وزارة التجارة الموريتانبة بيانا قالت فيه إنها “قامت بجرد لجميع أنواع الشاي المستهلك محليا، وانتقت عينات لخمسين صنفا تجاريا تم إرسالها الى أحد أكثر المختبرات الأوربية كفاءة في مجال سلامة الأغذية، بعد التعاقد معه لدراستها، بهدف الإحاطة بكل العناصر والمخاطر التي قد ترتبط بهذه المادة الحساسة كالمعادن الثقيلة، و مخلفات المبيدات، و الأصباغ، و التحقق من المصدر النباتي، و إجراء التحاليل الميكروبيولوجية ( ميكوتوكسي)”.

ووعدت الوزارة بأنها ستطلع  الرأي العام الوطني على نتائج هذه الدراسة الشاملة فور استلامها.

وأشارت الوزاة في بيانها  “أن الجهات الحكومية هي وحدها المخولة رسميا إصدار بيانات بخصوص الصحة العمومية وهي المسؤولة عن ذلك”. وهو ما رد عليه المنتدى على لسان البروفوسير محمد بابا بأن :المنتدي يتدخل هنا بوصفه مجتمع مدني وهذا العمل ليس حكرا على اي جهة”.