قصة فنان بيروتي.. يحارب الأزمة الاقتصادية “بالرصاص والفحم”

ومن بين هؤلاء الفنان بسام كمال، الذي تركت السنوات أثرها على ملامح وجهه، حيث أفنى ربيع العمر في مهنته الأساسية عاملا في الديكور المنزلي والزخرفة الداخلية، لكن عمله تراجع بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت فيما ضربت قطاع البناء والديكور.

والرجل الستيني رب أسرة تقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة، لذلك عاد إلى دفاتره القديمة عندما كان رساما في مدرسته، يهوى نقش وجوه رفاقه ورفيقاته بالقلم الرصاص المتوافر حينها، ورسم المناظر الطبيعية في بيروت، فعاد إلى هوايته القديمة ووقف منذ سنوات يرسم وجوه السياح والمارة بشكل سريع، أمام صخرة الروشة الشهيرة على شاطئ العاصمة، بحثا عن لقمة عيش.

لكن الوضع الاقتصادي وانتشار فيروس كورونا وتراجع حركة السياحة، جعلته يغير المكان ويفتش عن آخر “استراتيجي” يحظى ببعض الزبائن المتوقعين، ويكون قريبا من منزله في أحد أحياء بيروت المركزية، فاختار فسحة تحت جسر الكولا الذي يحوي محطات انطلاق حافلات الركاب من بيروت وإليها، حيث يكون الركاب بانتظار حافلاتهم التي تقلهم إلى قراهم ومناطقهم خارج العاصمة في نهاية يوم عمل شاق، ليستغل وقت انتظارهم فيرسمهم بقلم الرصاص أو الفحم، وقد يقوم عند الطلب برسم الـ”بورتريه” بالألوان لكن بسعر مختلف.

ويقول كمال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “حتى أدوات الرسم لم تعد متوفرة بسهولة، بدءا من قلم الرصاص الأصلي وقلم الفحم الأصلي وكذلك الورق الجيد والألوان”، موضحا: “أنا أشتريها بالدولار وأسعارها صارت خيالية”.

ويضيف: “كان لا بد من التأقلم مع الوضع الجديد ومواكبة التطور لقد طورت مهنتي. صرت أتعامل بوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أتلقى الصور عبر واتساب أو أنقلها من صفحة فيسبوك إذا كانت جيدة، وأرسمها لصاحبها ثم يأتي لاستلامها”.

لكن كمال تابع: “تراجع عدد طالبي رسم صورهم وذكرياتهم تبعا للوضع الاقتصادي، فقد أرسم صورة واحدة يوميا فقط”.

ومواكبة للهم المعيشي، رفع الرسام تسعيرة اللوحة من 70 ألفا إلى 150 ألف ليرة، ليستطيع تأمين متطلبات أسرته التي تسكن في مكان قريب من “مرسمه” في موقف الحافلات تخفيفا لمصاريف الانتقال بالتاكسي، ويحدد كمال التسعيرة الذي يقدرها حسب الوقت الذي يستغرقه رسم الصورة وساعات العمل المطلوبة، ويضيف مبلغا آخر في حال طلب الزبون الصورة بالألوان، فهذا يستدعي شراءها بسعر عال جدا هذه الأيام.