من المغرب إلى زنجيار.. شاب مغربي سافر عبر دراجته إلى 24 دولة

يوسف سحساح، 30 سنة، ابن مدينة العيون جنوبي المغرب، مصور طموح يعشق السفر، ترك كل شيء خلفه واتخذ دراجته الهوائية مؤنسة تقوده إلى أرجاء مختلفة من بقاع العالم.

حُلم طالِب

بعد تخرجه من معهد السينما بورزازات، على بعد حوالي 290 كلم من مراكش، وضع الطالب المتخرج حديثا نصب عينيه هدفا خارجا عن المألوف. ففي الوقت الذي كان زملاؤه يبحثون عن عمل ويبعثون سيرهم الذاتية، كان يوسف يداعب حلمه ويرسم في مخيلته الطريق التي سيسلكها للقيام بجولة في إفريقيا، على متن دراجته الهوائية.

وقال الشاب في حديث مع سكاي نيوز عربية إن فكرة “أفريكا دريم” لم تكن وليدة اللحظة، بل إنها نضجت في ذهنه منذ سنة 2015 عندما كان طالبا.

وقد رأت الفكرة النور بعد تخرجه مباشرة، حيث كانت الوجهة الأولى، حواضر وبوادي مغربية في الجهات الأربع للمغرب.

ممتطيا دراجته، سافر في البلاد طولا وعرضا، لاكتشاف ثقافات أخرى والتعرف على طقوس وتقاليد لم يعرفها من قبل.

وبحسب يوسف فإن اختيار الدراجة للسفر كان فكرة مخيفة في البداية، لأن السير على متنها يتطلب تجلدا كبيرا، لكنها في الوقت ذاته وسيلة سهلة ولا تحتاج للكثير من المصاريف، لا سيما أنه بدأ مغامرته وهو تلميذ لا يملك إلا دراهم لتأمين طعامه.

عندما صال وجال في المغرب، قرر يوسف سحساح اتخاذ وجهة جديدة، وتوجيه نظره إلى أفق بعيد، ورغم المخاوف التي شغلته في البداية، أخد شجاعته بكلتا يديه واركب دراجته، وداخله صوت يردد، “الآن أو أبدا”.

الحلم الإفريقي

تمكن يوسف من جمع ما يعادل ألف دولار عن طريق أعمال مختلفة عن بعد، لتأمين ما سيتطلبه السفر من المغرب إلى الكوت ديفوار، وبعدها سيتدبر أمره، عن طريق الاشتغال في مشاريع عن بعد.

بعد انطلاقه بأشهر، استطاع المغامر الشاب الحصول على تعاقد مع شركة إيطالية ترعى سفره عن طريق أداء سومة تأشيرات الدخول إلى بعض البلدان، كما تمكن من الحصول على دعم عدد من الشركات بجنوب إفريقيا، تتكفل بكل لوازم دراجته من إصلاح وقطع غيار.

ويؤكد الشاب أن المال لم يكن عائقا، بل إنه استطاع بالقليل فقط تحقيق ما لم يفعله أغنياء يملكون الكثير. المهم حسب الدرّاج هو تحقيق شيء جميل، أما المال فمجرد وسيلة.

وتمكن الرحالة من زيارة 24 دولة خلال أربع سنوات. وقال يوسف في تصريح لسكاي نيوز عربية: “ما فاجأني خلال سفري هو أنه خلافا للصورة النمطية المنتشرة حول إفريقيا، فإنني استمتعت برحلة آمنة، وقد عَرض علي أناس لا أعرفهم يد المساعدة غير ما مرة، دون أن أطلب شيئا. هناك من فرح عندما حكيت له عن مغامرتي وأَحب ما أخوضه كل اليوم للسفر، واستحسن الفكرة.”

وبخصوص الخوف من المجهول، قال المغامر: “المجهول هو ما يضفي على سفري إثارة خاصة ويزيد من المتعة. فالمتعة لا توجد إلا في حب الاستطلاع واكتشاف أشياء جديدة كل يوم، وملاقاة أعراق وأجناس ولغات لم نسمع عنها من قبل. ومنذ انطلاقي في هذه المغامرة لم أخطط لشئ، كنت أترك الأيام تأتي لي بنصيبي منها، فأعيشها بحلوها ومرها.”

صعوبات وطموحات

يحكي يوسف سحساح، أنه عاش تجارب فريدة بمعظم الدول الإفريقية التي زارها. واستطرد مبتسما “الحمد لله لم أصادف متاعب كبيرة”.

الرحالة المغربي تابع قائلا: “أصعب اللحظات عشتها بالنيجر حين تناولت مضادا حيويا فاسدا، تسبب لي بمرض على مستوى الكبد، كدت أن أفارق الحياة قبل أن أستعيد عافيتي بعد أسبوعين بفضل العناية الطبية”.

ومن بين الطرائف التي يحكيها يوسف أنه حط الرحال ذات يوم في زامبيا، فدعاه سكان إحدى البلدات إلى تناول الغذاء. سره ذاك كثيرا، لكنه تفاجأ بطبق غريب؛ فأر مشوي مع بعض المرق. لم يخل الرحالة أنه سيأكل يوما فأرا، لكنه أسرّ لنا بصوت ضاحك، أنه أحب طعمه الذي لا يختلف كثيرا عن طعم الدجاج.

ويؤكد يوسف سحساح، أنه لا ينوي حاليا العودة إلى المغرب، بل سيواصل رحلته إلى أبعد مدى ممكن. وجهته المستقبلية آسيا ثم أوروبا.