“بوستيشة”.. أول مسرحية جزائرية تجمع 200 ممثل

وتحمل المسرحية عنوان “بوستيشة”، وهي من إخراج الجزائري أحمد رزاق،وقد قدمت لمدة ثلاثة أيام على خشبة المسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالجزائر العاصمة.

وجاءت المسرحية بمناسبة إحياء الذكرى الـ58 لتأميم المسرح الوطني الجزائري، المصادف ليوم 8 يناير من كل سنة.

وبعد حوالى عامين من حالة تشبه الركود التام على الخشبة، تمكن المخرج المسرحي الجزائري أحمد رزاق من إقناع الفنانين وإدارة المسرح على حد السواء بالعمل معا لتقديم هذه المسرحية، التي حملت العديد من الرسائل الفنية والإنسانية،مع تَشريح للواقع الإجتماعي والسياسي في الجزائر.

عدد كبير من المتطوعين

وكانت بداية الفكرة عندما وجه رزاق عبر موقع التواصل الإجتماعي نداء إلى الممثلين الجزائريين للعمل معا من أجل تقديم مسرحية، تمزج بين الكوميديا والرؤية النقدية للواقع الإجتماعي والسياسي في الجزائر.

وقال المخرج رزاق لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه بحث عن طريقة يتم فيها جمع أكبر عدد كبير من الفنانين الجزائريين في عرض مسرحي واحد، خاصة وأن معظمهم كان يعاني من قلة فرص العمل منذ أكثر من عامين.

وقال رزاق:”المسرحية تجريبية مجانية وغير منتجة من طرف أي مؤسسة وقد جمعت فنانين أحرار للعمل مع بعض، وقد تلقينا الدعم من طرف مؤسسة وزارة الثقافة بالنسبة للإيواء وبعض التجهيزات”.

وبإستثناء الملامح الكبرى التي كانت تنظم في إطار التظاهرات الثقافية التي تحتضنها الجزائر، فإن “بوستيشة” تعد العرض المسرحي الأول من نوعه الذي جمع هذا الكم من الفنانين.

 لا رقابة في الجزائر

وتحكي “بوستيشة”،  وهي كلمة جزائرية محلية تعني “المشكلة البسيطة”، قصة سكان حي شعبي بالعاصم ،يستيقظون على خبر تعرض المصباح الوحيد الذي ظل ينير الحي إلى التخريب من طرف أحد المجهولين.

وتستمر الحكاية على هذا النحو، حيث تتقاطع مشاكل بسيطة يواجهها سكان الحي مع الكثير من القصص الطريفة التي تصنع الفرجة.

 واعتاد رزاق تقديم هذا النمط في أعماله المسرحية، وهو ما أكسبه شعبية كبيرة، خاصة عندما قام بإخراج أول عرض مسرحية له بعنوان “طرشاقة” عام 2016،  وفازت بالجائزة الكبرى في “المهرجان الوطني للمسرح المحترف” في العام نفسه.

وعام 2017 قدم رزاق مسرحية “كشرودة”، ثم مسرحية “خاطيني” عام 2020، بأسلوبه الساخر الذي يتناول العديد من القضايا السياسية والإجتماعية، مستلهماً روح النكتة من قصص الطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع.

 ,حرص المخرج على hستغلال مساحة الحرية المتاحة له، وقال:”آخر عرض قدمته كان “خاطيني “وهو عمل آكثر جرئة وقد أنتج من طرف الدولة، لهذا أستطيع القول أنه لا يوجد في الجزائر رقابة فوق الخشبة، وماهو موجود من عراقيل يتعلق بأمور شخصية وتخوف بعض المسؤوليين من الرسائل السياسية التي قد يحلمها هذا العرض أو ذاك فيسعون لعرقلة إنجاز العمل”.

 الواجب الإنساني للفنان

من جهته، أكد الممثل، كمال بوعكاز، الذي شارك في العرض المسرحي أنه أعجب بالفكرة التي جمعت الكثير من الشباب الذين لا يعرفهم على المستوى الشخصي.

وقال بوعكاز لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لو عملت 20 عاما لما استطعت اللقاء بهذا الكم الهائل والرائع من الشباب والممثلين، هذه فرصة استثنائية في مساري، جمعتني بوجوه رائعة لم أكن أعرفها من قبل”.

وأشار الممثل الجزائري إلى أن فكرة تخصيص عائدات المسرحية لصالح مرضى السرطان زاد من حماسة ورغتبه للعمل مجانا في هذه المسرحية.

وحسب الأرقام الرسمية، فإن الجزائر تسجل سنويا أكثر من 50 ألف حالة إصابة بمرض السرطان، منها حوالى 1500 إصابة لدى الأطفال وذلك بمعدل 112 حالة لكل 100 ألف نسمة.

من جهتها، أكدت الفنانة الكوريغرافية قيميري خديجة أن معظم الفنانين أرادوا المشاركة في هذا العمل لسببين.

وقالت خديجة لموقع “سكاي نيوز عربية”:”السبب يتعلق بالظروف الصحية الصعبة التي يمر بها العالم والتي أدت إلى غلق معظم قاعات السينما والمسارح لمدة طويلة من الزمان”.

وعن السبب الثاني فقد أوضحت :”نحن كفنانين لايمكننا أن نرفض عرضا للمشاركة مجانا في أي عمل فني تعود أرباحه لمساعدة مرضى السرطان، فهذا واجبنا الإنساني والفني تجاه المحتاجين والذين يعانون من مثل هذه الأمراض الصعبة”.