بعد رحلة كفاح.. بلجيكي من أصل مغربي “مواطن بروكسيل عام 2021”

ولد إبراهيم الوساري عام 1978 في حي مولنبيك الشعبي بالعاصمة بروكسيل في عائلة مكونة من 8 أطفال. وعلى الرغم من مسيرة إخوته الناجحة في الدراسة، منهم القاضي والمهندس والمجاز، إلا أنه قرر فجأة مغادرة مقاعد الدراسة وعمره لا يتعدى 13 عاما.

“لقد عشت هذه الفترة بمفردي حقًا. كان القرار صعبًا للغاية. فقد شكلت خيبة أمل كبيرة لوالدي، خصوصا أن لدي إخوة قدوة في التميز الدراسي”. هكذا يصرح إبراهيم لموقع “سكاي نيوز عربية”.
ورغم أن الكل شككوا في مستقبل شاب لا يحمل شهادة أكاديمية، إلا أنه رفض الاستسلام وخاض رحلته العصامية المحفوفة بالمخاطر.

وفي هذا الشأن يقول إبراهيم، “بدأت المغامرة وسني لا يتجاوز 19 عاما عندما اكتشفت عالم الإنترنت وقررت شراء حاسوب لتحميل الأغاني، غير أنني سحرت بمجال المعلومات والتكنولوجيا الرقمية فقررت التعلم ذاتيا والتخصص في هذا المجال”.

شرع الشاب البلحيكي من أصول مغربية في الاستشارات ثم كرائد أعمال. إذ في عام 2005، أنشأ شركة الاستشارات “اوربان تيك”، ثم في عام 2008 أسس شركة تطوير تكنولوجيا المعلومات، وفي عام 2011 قام بتأسيس شركة “أبل فيلد” المالية.

 طموح أوسع من بلجيكا

طرح نجاحه تساؤلات عديدة عند شباب حيه، فقرر مساعدتهم بعض النظر عن أصلهم أو خلفيتهم التعليمية أو الثقافية.

يقول الوساري: “تفاجأ شباب المنطقة حيث كنت أقيم من التغير الإيجابي الذي حصل في حياتي، فأنا كنت مشروع شخص فاشل أصبح يقود أغلى أنواع السيارات. ولأقدم يد المساعدة لهم ولأفتح آفاقا جديدة أمامهم، أنشأت شركة مولينجيك” Molengeek لتدريبهم في قطاع التكنولوجيا في عام 2015″.

هذا المشروع الذي لديه الآن عدة فروع في بلجيكا وهولندا وكذلك في إيطاليا أصبح مثالا يحتذى به في صقل مواهب أبناء المناطق المهمشة.

ويوضح الوساري متأسفا “لأن لدينا نفس المشاكل في جميع أنحاء العالم. لدينا شباب لا يستطيع الوصول إلى التقنيات التكنولوجية. وهناك عدد كبير منهم ترك المدرسة دون شهادات”.

بعد 6 سنوات، أصبحت مولينجيك تقدم تدريبًا للشباب لمدة 6 أشهر في مجال التسويق الرقمي والترميز. في كل مرة يجب الاختيار من بين مئات المرشحين، 15 متدربا فقط.

كما يشغل إبراهيم الوساري حاليا أكثر من 30 موظفا في بلجيكا لوحدها، وهو لا يهتم إن كانوا من حاملي الشهادات العليا بقدر أن يتميزوا بالكفاءة والطموح، كما أن أغلبهم يخضعون لتدريبات مهنية تقدمها المؤسسة.

لا يستهدف إبراهيم أوروبا فقط، فقد أنشأ مشاريع مماثلة في مدينة وجدة المغربية، كما يسعى إلى توسيع عمله في مدن أخرى، مع الحفاظ على اللمسة المغربية ومراعاة الظروف والبيئة التي ترعرع فيها كل شاب.

 مساندة عالمية

وبعد هذه الرحلة المذهلة، ذاع صيت الوساري بين أكبر شركات التكنولوجيا العالمية، وحظي بدعم مالي من شركتي “غوغل” و”سامسونغ”. فكانت الشراكة مبنية على أساس أن النجاح لا يقتصر فقط على المبيعات. بل يتعلق أيضا بالمساهمة في مجتمع أفضل وإحداث فرق في حياة الناس.

ومثل عمالقة كاليفورنيا وكوريا، خلقت شركة الاتصالات البلجيكية الضحمة الجدل، وأدخلت إبراهيم إلى مجلس إدارتها. وهذا ما يعتبره الوساري هدية عام 2021 “أظن أنني بالفعل البلجيكي الوحيد من أصل مغربي، من مولينبيك، بحياة أكاديمية فوضوية ولا يرتدي الزي الرسمي، يحصل على هذه الفرصة ويصبح عضوا في مجلس إدارة بهذا المستوى”.

ويختم المقاول الشاب حديثه قائلا: “نلت لقب مواطن بروكسل لعام 2021، لأنني حولت ضعفي إلى قوة، وصنعت مسارا مهنيا اعترفت به كبريات شركات التكنولوجيا. لكن هذا الأمر لم يتأتى من فراغ، بل بعد صبر ومثابرة وتسطير أهداف مختلفة في كل مرحلة. من أراد النجاح لا يجب أن يبقى حبيس الأحلام والتسويف وينتقل إلى الفعل”.