المغرب.. استمرار التحقيق في فضيحة “الجنس مقابل الدرجات”

ونفى الأساتذة المتهمون في هذا الملف التهم المنسوبة إليهم أثناء جلسة استماع سرية جرت يوم الإثنين، بالمحكمة الابتدائية في سطات وسط المغرب. 

وكانت ذات المحكمة قد قضت الشهر الماضي بسجن أحد الأساتذة المتابعين في قضية “الجنس مقابل النقاط” لمدة عامين بتهمة “هتك العرض بالعنف والتحرش الجنسي”.

وبدأت فصول القضية التي هزت الرأي العام في المغرب في سبتمبر الماضي، بعد تسريب مراسلات ذات طابع جنسي لأستاذ جامعي مع طالبات عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتتوالى بعدها قضايا مماثلة بعد أن قررت طالبات تم ابتزازهن من قبل أساتذتهن كسر جدار الصمت ضد التحرش الجنسي.

محاكمة سرية

ويتابع هذا الملف الذي خلف استياء عارما في المملكة عدد من المؤسسات الحقوقية والمدنية، التي تطالب بحماية الضحايا وضمان حقوقهن، ومحاسبة كل من تبث تورطه في استغلال الفضاء الجامعي للقيام بمثل هذه الممارسات.

واستمعت المحكمة الإثنين إلى المصرحين والمتهمين في جلسة مغلقة بحضور هيئة دفاع الطرفين، ليتقرر بعدها تأجيل جلسة المحاكمة إلى الأسبوع المقبل.

وأضافت مصادر أن الأساتذة الأربعة قد نفوا التهم المنسوبة إليهم، خلال مراحل الجلسة المغلقة التي استمرت حوالي 17 ساعة، فيما تواصل المحكمة الاستماع إلى باقي المصرحين والشهود قبل مناقشة الملف وإصدار الأحكام.

وكشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن منعه من حضور مراحل جلسة المحاكمة السرية، وقال في بيان إن “المجلس باعتباره مؤسسة دستورية تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان الحريات وحمايتها، تقدم الإثنين بطلب من أجل السماح لفريق الملاحظة التابع للمجلس بحضور الجلسة السرية المنعقدة في إطار الملف”.

وأوضح البيان أنه “في الوقت الذي رحب دفاع الطرف المدني (الضحايا) بالطلب، عارضه بعض أعضاء دفاع المتهمين استنادا إلى القانون الذي لا يسمح بحضور الملاحظين للجلسات السرية”.

وتقول المحامية عائشة الكلاع رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، إن السرية في المحاكمة هي أحيانا ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة، خاصة في جرائم من هذا النوع، التي تستوجب صون الحياة الخاصة للمتضررين بالنظر لوضعهم النفسي.

 وتضيف الناشطة الحقوقية لموقع “سكاي نيوز عربية” أن هذا الإجراء لا يهدف إلى إطباق الصمت على القضية، بقدر ما يمثل إجراء يستجيب لمطلب صون حقوق الضحايا.

كسر جدار الصمت

وبالموازاة مع التحقيقات القضائية في التهم الموجهة للأساتذة، فتحت وزارة التعليم العالي بالمغرب تحقيقات داخلية واتخذت عدد من الإجراءات لرصيد أي ممارسات غير أخلاقية داخل الحرم الجامعي، وأصدرت قرارات تأديبية في حق عدد من المسؤولين.

وفي السياق ذاته، تم تخصيص خط أخضر للتبليغ عن حوادث التحرش داخل الجامعات، كما شكلت لجان داخلية للبحث في الموضوع والاستماع إلى ضحايا محتملين وتقديم الإرشاد.

كما قررت كلية العلوم القانونية والسياسية في سطات التي انفجرت من داخلها قضية التحرش، السماح بعودة طالبتين من ضحايا الابتزاز الجنسي لاستئناف الدراسة، بعد أن تم فصلهما من طرف أحد الأساتذة المتهمين في الملف بدعوى الغش في الامتحان. 

وتشدد الكلاع على ضرورة مؤازرة الضحايا عبر التوعية بخطورة مثل هذه الجرائم، التي تترك جرحا عميقا في نفسية الضحايا والأسر، وقد تؤدي إلى التوقف عن الدراسة أو العمل.

وتعتبر الناشطة الحقوقية أن الضغوط الاجتماعية التي تتعرض لها الضحية، قد تؤدي إلى الإفلات من العقاب أو إصدار أحكام لا تتناسب مع فظاعة الجرم المقترف.

وتستغرب المحامية من أن طالبتين فقط من بين 12 طالبة من كانت لديهما الجرأة على تنصيب طرف مدني في قضية تعرضن للتحرش الجنسي، فيما امتنعت أخريات عن التبليغ “بعد أن مورست مختلف أشكال الضغط عليهن بما فيها الترغيب أو الترهيب لثنيهن عن تقديم شكاية”، حسب تعبيرها.

قانون لمعاقبة المتحرشين

وتطالب فعاليات نسوية وحقوقية في المغرب بضرورة مراجعة قانون مكافحة العنف ضد النساء، وتجويد هذا النص القانوني مع وضع رؤية مندمجة لتوسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي، والنظر خاصة في صعوبة إثباته.

ويعتبر القانون المغربي أن مرتكب جريمة التحرش الجنسي هو “كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها بأفعال أو أٌقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية”، ويعاقب القانون الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018، المتحرشين بعقوبة السجن من شهر إلى 6 أشهر، وغرامة مالية من 20 دولارا إلى 10 آلاف دولار، أو بإحدى العقوبتين، فيما تضاعف العقوبة إذا كان المتحرش زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية وغيرها.

ويرفع القانون عقوبة السجن من 3 إلى 5 سنوات، وغرامة من 500 إلى 5 آلاف دولار، في حال كان التحرش مرتكبا من أحد الأصول أو المحارم، أو إذا كانت للمتحرش ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان مكلفا برعايتها أو كافلا لها، أو إذا كانت الضحية قاصرا.