تحرش وملاحقة وقتل.. مطالبات بتركيا لتعديل قوانين حماية النساء

تطالب النساء في تركيا والمدافعين عن حقوقهنّ بضرورة اعتبار التحرّش اللفظي بهنّ وملاحقتهنّ جريمة يُعاقب عليها القانون، وهو ما يتطلب تعديل بنودٍ من قانون العقوبات التركي، لكن الحكومة التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الحاكم مع حليفه في حزب “الحركة القومية” اليميني كانت قد انسحبت رسمياً في شهر يوليو الماضي من “اتفاقية اسطنبول” الدولية التي كانت تحمي نساء تركيا من العنف الأسري، “ما يعني أنها لن تستجيب للمطالب الحالية للنساء في البلاد”، حسب ما أفادت ناشطة معروفة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.

وقالت جانان غولو، رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية التركية، إن “ما نسمّيه ملاحقة النساء هو إصرار الرجال على إقامة صداقاتٍ وعلاقاتٍ مع نساءٍ لا تربطهم بهنّ أي صلات في أماكن مختلفة عندما تعمل المرأة أو في مكان إقامتها، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك يجعل هذا الهوس النساء غير مطمئنات نفسياً، وبما أن القانون المحلي لا يعتبر سلوك الرجال هذا جريمة في نظام العقوبات، نطالب باعتبار التحرّش اللفظي والملاحقة جريمة يعاقب عليها القانون وهو بند كان موضع نقاش في اتفاقية اسطنبول“، التي انسحبت أنقرة منها العام الماضي بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رغبته في ذلك في شهر مارس من عام 2021.

المضايقات التي يتعرّض لها النساء في تركيا قد تضاعفت نسبتها منذ انسحاب أنقرة من اتفاقية اسطنبول، ولا يتعرّض مرتكبوها للعقاب

جانان غولو

وأضافت لـ”العربية.نت” أن “هذه المضايقات التي يتعرّض لها النساء في تركيا قد تضاعفت نسبتها منذ انسحاب أنقرة من اتفاقية اسطنبول، ولا يتعرّض مرتكبوها للعقاب، ولذلك نحن نستمر في مطالبتنا بإقرار التحرّش بالنساء وملاحقتهنّ جريمة يعاقب عليها القانون رغم وجود مادة إشكالية في قانون العقوبات التركي حول هذا الأمر، لكن هناك جدل بخصوص مدّة العقوبة وكيفية تطبّيقها”.

وتابعت بالقول إن “نظام العقوبات التركي يحاسب على العديد من أشكال الإساءة اللفظية للنساء والقاصرات على وجه التحديد، لكن إذا ما قرر القضاء معاقبة مرتكب هذه الجريمة وصدر بحقه حكما بالسجن لمدّة أقل من عامين، فهو لا يُسجن رغم وجود قرار بذلك، ولهذا نطالب بتعديل بنود قانون العقوبات المتعلق بالتحرّش بالنساء وملاحقتهنّ”.

كما اتهمت جولو، الحكومة التركية بـ”عدم تطبيق القوانين التي تحمي النساء” وعدم اتخاذ تدابير وقائية” في مسألة “عدم المساواة بين الرجل والمرأة”، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدل قتل النساء في تركيا، إلى جانب تعرّضهن المستمر للتحرش اللفظي والملاحقة من قبل الرجال.

من تظاهرات مناهضة للانسحاب من "اتفاقية اسطنبول" (أرشيفية)

من تظاهرات مناهضة للانسحاب من “اتفاقية اسطنبول” (أرشيفية)

وكشفت في هذا الصدد أن “287 امرأة قُتِلت في تركيا في الفترة الممتدة بين 20 مارس من العام 2021 وحتى 31 ديسمبر من العام نفسه، أي منذ إعلان الرئيس التركي عن رغبته في الانسحاب من اتفاقية اسطنبول وحتى أواخر العام الماضي”.

وأوضحت أن “367 امرأة قُتِلت في عام 2021، إلا أن أعلى نسبة جرائم لقتل النساء تلت فترة إعلان وانسحاب أنقرة رسمياً من اتفاقية اسطنبول لحماية النساء من العنف”، وهو ما يعني بالفعل ارتفاع معدلات قتل النساء في تركيا، ففي عام 2020 قُتِلت 300 امرأة وسُجِلت 171 حالة وفاةٍ مشبوهة، لكن الإحصائية التي كشفتها جولو لا تشمل أولئك اللواتي فارقن الحياة في ظروفٍ غامضة، وبالتالي سجّل عام 2021 زيادة في 67 حادثة قتل متعمّدة لنساء من مختلف مناطق البلاد عن عام 2020.

وطالبت الناشطة المعروفة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، الحكومة التركية بـ “تكثيف مسألة المساواة بين الجنسين في النظام التعليمي وزيادة عدد الملاجئ التي توفرها السلطات للنساء اللواتي لم يعد لديهنّ مأوى، بالإضافة لتغيير بنية المجتمع التي يهيمن عليها الذكور”، على حدّ تعبيرها.

وكانت مسألة التحرّش بالنساء وملاحقتهنّ وقتلهنّ في تركيا، قد طفت إلى السطح مجدداً مطلع شهر فبراير الجاري بعد مطالباتٍ نسوية بإقرار تعديلات في قانون العقوبات التركي لمنح المرأة الحق في طلب مساعدة الشرطة لمنع ملاحقتهنّ من قبل الرجال، وضرورة وجود تعاونٍ بين وزراتي الداخلية والعدل لإيجاد حلٍّ لمشكلة قتل النساء أيضاً.

كذلك تطالب جمعياتٍ نسوية، بينها الاتحاد الّذي ترأّسه جولو، بضرورة العودة لاتفاقية اسطنبول التي انسحبت منها أنقرة بناءً على طلبٍ من أردوغان العام الماضي رغم تعرضها لانتقاداتٍ حادّة من حلفائها الغربيين.