ولدوا من رحم الحرب.. مشاهد تختزل وجع اليتم وقسوة التشرد

يعيش مليون طفل من النازحين في اليمن، بلا أحلام ولا بيوت ولا مدارس، جيل كامل ولد من رحم الحرب، وجوه عبث بها الجوع والبؤس، وقلوب صغيرة مزقتها أصوات القنابل وراجمات المدافع، وأجساد ناحلة استوطنها المرض والخوف والأوبئة، أطفال مذعورون وسط مناخ الموت، باتوا يتلقون تعليماً بدائياً من العصور الغابرة في خيام النزوح وتحت الأشجار، يفترشون الأرض لا يملكون كتباً ولا كراسات ولا حتى ثمن الأقلام، هاربون من آلة الحرب إلى مصائر قاتمة وواقع مأساوي مخيف، بينهم آلاف الأيتام فقدوا أهاليهم وسط ركام القصف والدمار.

العربية.نت رصدت بالصور والفيديو واقع التعليم في تلك المخيمات، في ظل غياب أي دور رسمي لجهات حكومية أو خاصة تدعمهم حتى المنظمات الإنسانية لم تعد تستوعب أعدادهم الهائلة التي تصدرها طواحين الصراع كل يوم في مدن يأكلها لهيب العنف من كل الجهات.

هذه نتائج الوجه القبيح للحرب

وكان نشطاء يمنيون قد رصدوا حالة الأطفال النازحين المتضررين جراء الحرب، وتناقلوا صوراً لطلاب صغار يتلقون تعليماً تعيساً مجرداً من أبسط الاحتياجات ولوازم الدراسة في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب، قالوا إن هذه الصور إنما هي نتائج الوجه القبيح للصراعات الدائرة، التي نجمت عنها آمال منهوبة وطفولة مسلوبة، وملامح اختزلها وجع النزوح وألم الفقد على هوامش اليتم والتشرد، مستقبل أسود يتربص بهم، ونظرات مقهورة تحمل الكثير من الأسئلة لا تجد جواباً واحداً في ضمير الإنسانية.

مبتورة يده يصر على الدراسة

إلى ذلك، تداول نشطاء يمنيون فيديو تم تصويره بطريقة عفوية في أحد مخيمات النزوح في مأرب، يجسد حال التعليم في اليمن، في كل لقطة حكاية، لكن اللافت إصرار وشموخ الطلاب الصغار وهم يهتفون ويرددون تحية العلم رغم أنهم لم يحصلوا من هذا الوطن حتى على خيمة مكتملة تقيهم برد الشتاء وحرارة الشمس أثناء الدراسة، وتظهر في الفيديو لقطات مؤلمة تحبس الأنفاس، طالبة تعطي بقايا القلم المكسور لزميلتها لتكتب الدرس، وطالب مبتورة يده يصر على الدراسة.

50 فتاة تحت خيمة ممزقة

وفي السياق ذاته، شهدت مدينة سيئون في حضرموت ملحمة مأساوية تجسد أحد فصول الألم الدراسي، ففي مبادرة لافتة بطلتها المعلمة سعدية ثواب، وهي قصة نزوح بحد ذاتها، فقد نزحت بسبب الصراعات من محافظة حجة مروراً إلى الحديدة حتى وصلت سيئون، لتفتح سعدية “معلمةٍ” صغيرة تعلم فيها الأطفال والفتيات حتى يتمكنوا من مواجهة الحياة والقراءة والكتابة داخل خيمة تعليمية لتكون ملاذاً للنازحين في زمن الحرب، لمحو الأمية الخاص بالنازحات من مختلف الأعمار، تضم الخيم الصغيرة الممزقة 50 فتاة بينهن أم وعجوز مسنة تفترشان الأرض لتعليمهن أحرف اللغة العربية والنطق والكتابة في مراحل التدريس الأولى لمحو الأمية، في أوساط النازحات، حيث تشهد مدينة حضرموت أعداداً من نازحين وعائدين إلى أرض الوطن ما يشكلون ضغطاً على عملية الاستيعاب بالمدارس والثانويات.

مشروع يحتضن 5800 نازح

ولا يزال ملف التعليم في اليمن يشغل هواجس المنظمات الإنسانية، فقد تبنت مؤخراً مفوضية اللاجئين ومؤسسة العون للتنمية، تعليم اللاجئين في محافظتي عدن ولحج، تهدف إلى إدارة الأنشطة التعليمية في مخيم اللاجئين في مخيم خرز بمحافظة لحج والمنطقة الحضرية في البساتين بمحافظة عدن، ويشمل المشروع دعم خمس مدارس وأربعة فصول دراسية سريعة تحتضن 5800 من الطلاب اللاجئين إلى جانب المجتمعات المضيفة.

130 ألف طفل حرموا من التعليم

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف قد حذرت في العام الماضي من احتمال ارتفاع عدد الأطفال الذين يواجهون خطر الحرمان من التعليم في اليمن إلى 6 ملايين طفل، فيما قالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب، إن نحو 130 ألف طفل وطفلة يعيشون في مخيمات النزوح لن يتمكنوا عام 2022 من مواصلة تعليمهم لعدم توافر مستلزمات الدراسة للعام الدراسي الجديد مع تزايد أعداد النازحين الذين وصلوا إلى المخيمات، بسبب استمرار المعارك في أطراف المحافظة، إذ تستضيف مأرب وحدها 61 بالمائة من النازحين اليمنيين داخلياً، وفيها أكبر مخيم للنزوح في المحافظة، وهو مخيم الجفينة حيث يحوي 10 آلاف أسرة، بتعداد تجاوز أكثر من 75 ألف فرد، معظمهم نساء وأطفال.