“حومتنا سكول”.. حولت أحياء الصويرة إلى مدرسة في الهواء الطلق

تحت سماء المدينة، في الهواء الطلق، اصطفت طاولات لطلبة جمعهم شغف تعلم اللغات، تحت إشراف أساتذة من مختلف الجنسيات، وقعوا في حب “موغادور”، فحطوا الرحال وجعلوا منها مدينتهم.

حومتنا سكول” أو مدرسة حيّنا، هي مبادرة تعليمية انطلقت من حي سيدي أحمد أوهارون في قلب المدينة العتيقة لمدينة الصويرة، وهي مبادرة توفر دروس مجانية لتعلم اللغة الإنجليزية لجميع الراغبين من كل الفئات العمرية، الذين يقصدون الحي للقاء مدرسين من جنسيات مختلفة يتطوعون بتنسيق مع جمعية محلية من أجل تمكين المستفيدين من فرصة تحسين مهاراتهم اللغوية.

حي “نموذجي”

يقول عبد الجليل لكميري، رئيس الجمعية الهارونية للتنمية والتضامن، المحتضنة للمشروع، إن المبادرة انطلقت في صيف 2017، وكان الهدف منها إنشاء حي نموذجي، من خلال تقديم برنامج تربوي متكامل لشابات وشباب الحي، بغرض تعميم الاستفادة والتخلص من العادات السلبية.

وأكد الأستاذ في حديث لسكاي نيوز عربية، أنه كان يطمح لتحويل الحي من مكان قد يشكل مرتعا لممارسات سيئة إلى فضاء آمن، يتلقى فيه الشباب والأطفال تأطيرا علميا ودعما نفسيا لشريحة واسعة منهم.

كانت البداية بسيطة كمعظم البدايات.. أسس عبد الجليل ورفاقه في الجمعية خزانة للحي من أجل نشر ثقافة القراءة، رافقها تطوع شباب الحي لتقديم دعم مدرسي مجاني لفائدة التلاميذ استعدادا لامتحانات نهاية السنة الدراسية.

فتفتقت في ذهن الأستاذ محسن كامل، أحد أساتذة الحي، فكرة إطلاق مشروع إعطاء سكان المدينة دروسا مجانية في اللغة الانجليزية، وهي فكرة لاقت استحسانا واسعا، فبدأ العمل وتم تحويل ساحة صغيرة إلى فصل دراسي.

تعليم اللغات

يقول رئيس الجمعية عبد الجليل لكميري، متحدثا عن تجربة “حومتنا سكول”، إن المشروع حضي بتقدير خاص، بحيث سارع عدد من الآباء إلى تسجيل أبنائهم بكثافة. ومع تزايد عدد الطلاب، ذاع صيت المدرسة وهو ما دفع أجانب مقيمين بالمدينة إلى تقديم يد المساعدة والتطوع لإعطاء دروس في اللغات بدون مقابل، لا سيما في اللغة الانجليزية.

من الاثنين إلى الخميس، يتوافد الطلبة من كل الأعمار إلى مدرسة الحي. وقد بلغ عددهم قبل الجائحة حوالي مئتي طالب، مُقسمين على عدة فصول. كما تم تخصيص يوم الأحد للأطفال الصغار، بحيث يتم تلقينهم المبادئ الأساسية للغة.

وبفعل الجائحة تم تقليص عدد الطلاب بكل فصل إلى 25، من أجل ضمان إجراءات التباعد واحترام الخطوات الاحترازية ضد فيروس كورونا.

وأكد لكميري في معرض حديثه، أن المشروع مجاني مئة بالمئة ويستهدف بالأساس الفئات الهشة، التي لا تقدر على أداء تكاليف التعليم بالمدارس الخاصة.

وعود بدعم المشروع

أكد عبد الجليل لكميري أنه يطمح بمعية صديقه محسن كامل إلى توسيع المشروع، الذي يواجه عدة تحديات. ويراهن القائمون عليه على دعم ساكنة الأحياء المجاورة من أجل تعميم هذه التجربة وإيصالها إلى أزقة أخرى بالمدينة القديمة.

ولفت الفاعل الجمعوي إلى الزيارة الميدانية التي قام بها القنصل العام للولايات المتحدة بالمغرب لورانس لاندولف، حيث قام المسؤول بتفقد مشروع “حومتنا سكول” الذي تحتضنه فضاءات المدينة العتيقة وتنشطه الجمعية الهارونية، ووعد بتقديم الدعم لهذه المبادرة الهادفة، وإضافتها إلى قائمة المشاريع التي ستحصل على الدعم خلال السنوات المقبلة.