بعد طرد داعش وترميمها.. كنيسة مار توما تستعيد رونقها

وفي سبتمبر الماضي، وفيما كانت كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك التي تعود للقرن التاسع عشر، ما تزال تخضع لأعمال الترميم، تم تركيب جرس لها وزنه 285 كيلوغراما، صُنع في لبنان ونقل إلى المدينة عبر طائرة، بفضل تبرعات من منظمة “التآخي في العراق” غير الحكومية الفرنسية.

وبرفقة آلة الأورغن، صدحت أصوات المصلين، السبت، في الكنيسة التي اكتظت بهم، وفقا وكالة فرانس برس.

واستعاد مذبح الكنيسة المبني بالرخام الأبيض والرمادي، رونقه السابق، بأعمدته وأقواسه المزخرفة، أما النوافذ الدائرية الصغيرة، فقد زُينت بزجاج ملون جديد. وفيما دق جرس الكنيسة، انطلقت “الزغاريد” تعبيرا عن الفرح.

وفي هذه المناسبة، قال الأب بيوس عفاص، البالغ من العمر 82 عاما: “هذه أجمل كنيسة في العراق. الإعمار كان جذريا إلى حد كبير، حيث أسهم بإعادة الكنيسة كما خرجت على يد بنائيها قبل 160 عاما”.

وفي باحة الكنيسة، ما تزال الطوابق العليا للمباني المجاورة تنتظر الترميم وتغيير النوافذ المحطمة.

وخلال سيطرة داعش على الكنيسة، يعتقد أن عناصر التنظيم المتشددين حولوها إلى سجن أو محكمة. وخلال تلك الفترة نُهبت صلبانها وكل الرموز الدينية الأخرى، فيما اخترقت قذيفة هاون أحد أقبية المبنى.

وقالت منظمة “التآخي في العراق“، في فبراير، إنه “كان لا بد من إزالة الرخام الذي تعرض للحرق وصقله وتجديده، وحفر الأرض لتدعيم الإسمنت، ووضع الرخام المنظّف، وإكماله بقطع رخام جديدة“.

وشكّلت الموصل ومنطقة سهل نينوى تاريخيا، مقرا مهما للمسيحيين، وهي تكافح حتى اليوم لاستعادة حياتها الطبيعية بعد دحر داعش على يد الجيش العراقي وبدعم من التحالف الدولي.

ويجري ترميم الأديرة والكنائس في المنطقة، لكن ببطء، فيما لم يعد بعد عشرات الآلاف من المسيحيين الذين فروا بعد سيطرة التنظيم عام 2014.

كما أُرغم العديد من مسيحيي العراق على الهجرة، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي بين سكانه البالغ عددهم 40 مليونا، بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الغزو الأميركي.

وفي هذا الصدد، اعتبرت سنا عبد الكريم، وهي موظفة تبلغ من العمر 50 عاما وتعيش في دهوك بإقليم كردستان، أن “هذا الإعمار تشجيع للمسيحيين على العودة“.

واستطردت: “نحن أصلاء في هذه المنطقة، هذه منطقتنا، هنا آباؤنا وأجدادنا ونحن نريد أن نعيش في هذه المنطقة”.