المغرب.. ملجأ فريد يعتني بالحيوانات ويديره مُشردون

تُسير هذه المؤسسة سليمة قضاوي، سيدة أربعينية، نذرت حياتها لمساعدة الحيوانات. تقضي هذه السيدة معظم أيامها في هذا المكان؛ تلاعب الكلاب وتطعم القطط، وتضمد جراح من مسهم الشر وداهمهم المرض أو صدمتهم سيارة أو بطشت بهم أياد آدمية.

تحظى سليمة بشهرة واسعة في عروس الشمال، لا سيما بعد أن قررت تأسيس جمعية لإيواء الحيوانات، وهي الجمعية التي من خلالها تحقق حلماً ظل يراودها منذ الطفولة، وهو أن تمنح الرعاية لحيوانات الشارع، التي كانت تتعاطف معها دائماً كلما صادفتها. سليمة، أم لطفلة، أسست جمعيتها عام 2013، وشيدت مأوى خاصاً بالحيوانات لحمايتها وعلاجها.

منذ نعومة الأظافر

مُحبة القطط والسلاحف والحمير، تربت في كنف أسرة ميسورة من أب مغربي وأم إنجليزية. ومثلما تجيد الاستماع لأنين الحيوانات وتفهم مكنوناتها، فهي تتحدث اللغات بطلاقة.

عاشت سليمة سنوات طويلة في حي “سوق البقر” بطنجة، وهناك كانت ترى كيف تُعامل الحيوانات بازدراء وعنف في أحيان كثيرة، فكانت وهي في ربيعها الثامن تتعاطف مع الكلاب والقطط ولا تتوانى عن إطعامها.

بعد انتقالها إلى بريطانيا، زاد إدراك سليمة لأهمية الوعي برعاية الحيوانات، فتفتقت في ذهنها فكرة إحداث جمعية بوطنها الأم، وسرعان ما بدأت الشابة اليافعة التواصل مع سلطات طنجة، لتحقيق مشروعها على أرض الواقع، وهو فتح الباب أمام جميع الحيوانات، خصوصا منها المريضة أو المصابة.

وقالت سليمة القضاوي، إن منظمات وجمعيات إنجليزية تعنى بالحيوانات دعمتها بدايةً، إلى أن تمكنت من تدبير شؤون جمعيتها والتحليق بجناحيها، وحسب ما قالته صاحبة المبادرة لـ”سكاي نيوز عربية”، فإن ذلك كلفها أزيد من 200 ألف دولار من مالها الخاص.

قبل كل هذا، تقول محبة الحيوانات إن مجالها الأكاديمي كان بعيداً كل البعد عن حلم طفولتها؛ فلا هي طبيبة بيطرية ولا هي خبيرة حيوانات، بل درست الترجمة وكذلك الاقتصاد في إسبانيا ثم بإنجلترا بكامبردج، لكنها سرعان ما عانقت مدينتها الأم طنجة لتستقر بها رفقة زوجها وابنتها.

مساعدة الحيوانات والناس

تظهر سليمة في إحدى مقاطع الفيديو، التي نشرتها على صفحة جمعيتها الخيرية، وهي تجري على شاطئ البحر برفقة عدد من الكلاب المبتورة الأطراف، التي استفادت من كراسي متنقلة. وحسب مديرة المحمية، فإن هذه الكلاب تم جلبها من الشارع بعد تعرضها لحوادث مميتة.

وتقول سليمة في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” إن “باب هذا الفضاء مفتوح في وجه كل الحيوانات التي تحتاج العناية دون استثناء”، وترى أن “هناك حاجة ملحة لتشبع الناس بثقافة الرفق بالحيوان بوصفها مخلوقات لها أحاسيس ومشاعر”.

وأكدت أن المأوى يضم حاليا أزيد ست مئة حيوان، “من بينها 450 كلبا و100 قطة، بالإضافة إلى 40 حمارا وحيوانات أخرى من بينها لقالق وخرفان وماعز وخنازير”.

هذه الحيوانات يشرف عليها طاقم متمكن من أطر بيطرية وخبراء في تربية الحيوانات، همهم الوحيد هو إعطاؤها الحنان والرعاية اللازمة.

كما أن سليمة حرصت على توظيف عمال يعشقون الاعتناء بالحيوانات، ضمنهم عدد من الأشخاص الذين كانوا بدون مأوى في السابق، وبذلك فقد ضربت عصفورين بحجر واحد؛ فهي حققت حلم الطفولة بمساعدة الحيوانات ومنحت أيضا فرصة عمل لأناس بسطاء، يعرفون معاناة التشردوعانوا الأمريْن على أرصفة الشارع.

العناية بالحيوانات “ليست ترفا”

ترفض صاحبة المبادرة نعت اهتمامها بالحيوانات الأليفة بالترف والأمر الثانوي، وتقول إنه عمل خيري له أولوية بالنظر إلى تزايد أعداد الحيوانات المتخلى عنها، أو التي تتعرض للإهمال دون سبب معقول.

ولا تخفي المتحدثة أن مواصلة منح هذه الحيوانات الرعاية والتغذية واللقاحات وتلبية احتياجاتها تتطلب منها نفقات باهظة، مشيرة إلى أنها أنفقت مئات الآلاف من الدولارات من مالها الخاص.

كما نجحت سليمة القضاوي، رئيسة جمعية “مأوى الحيوانات”، في إقناع سلطات المدينة في التفكير في طرق أكثر إنسانية في التعامل مع الكلاب الضالة.

إذ وافقت سلطات طنجة منذ أزيد من 4 سنوات، على تعاونها مع الجمعية، قصد الاستثمار في طرق أكثر إنسانية للحيونات، خصوصا الكلاب الضالة التي تقتل بطرق وحشية بهدف التخلص منها. لكن، حسب سليمة، فإن اتفاقها مع السلطات تعثر، ولم تحصل على أي دعم إلى حدود اليوم.

سليمة أقسمت منذ طفولتها بأن تساعد الحيوانات، وهو وعد قطعته على نفسها ولن تخلفه، وأكدت في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” أنها ستواصل العمل لجعل طنجة مدينة نموذجية بدون داء سعار وبدون كلاب ضالة، كما أنها ستستمر في الاشتغال رفقة فريقها “الرائع”، كما تصفه، لمواصلة عملها الخيري إلى آخر رمق.