هل يصل الناتو إلى أبواب روسيا.. جواب لدى فنلندا والسويد

تسارعت الخطوات التي تقرب على ما يبدو فنلندا والسويد من حلف شمال الأطلسي، خلال الفترة الأخيرة، لاسيما بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

فوسط تشجيع أوروبي كان آخره الموقف البريطاني الذي صدر عن رئيس الوزراء بوريس جونسون خلال لقائه نظيرته السويدية ماغدالينا أندرسون، أمس الأربعاء، يرتقب أن تعلن كل من فنلندا والسويد هذا الأسبوع ما إذا كانتا ستقدّمان ترشيحيهما للانضمام إلى الناتو، في خطوة تمثل تحوّلًا كبيراً في سياسات عدم الانحياز التي انتهجها البلدان على مدى عقو من الزمن.

ستصبح عضواً نهاية العام

وفي السياق، رأى الباحث لدى “المعهد الفنلندي للشؤون الدولية” تشارلي سالونيوس-باستيرناك، في تصريح لفرانس برس، أن فنلندا ستقدم طلب الانضمام مئة في المئة”، مضيفا أنه من “المرجّح أيضاً إلى حد كبير أن تصبح عضوا بحلول نهاية العام”.

فيما أشارت الخبيرة بشؤون الدفاع في الدول الاسكندنافية لدى “معهد المشاريع الأميركي” إليزابيث براو، إلى أنها تعتقد بأن البلدين “سيقدّمان الطلب في الوقت ذاته” وإن كانت ستوكهولم تبدو أكثر ترددا من هلسنكي.

وأوضحت أن “الاشتراكيين الديمقراطيين في السويد لطالما قالوا سنفكر في الأمر عندما تنضم فنلندا، لأنهم اعتقدوا بأن الأخيرة لن تنضم قط” إلى الحلف.

تغير مفاجئ

يذكر أن السويد كانت تفاجأت بالتحوّل السريع في موقف فنلندا، وهي معتادة تقليديا على المناقشات المطوّلة للمسائل المهمة بهدف التوصل إلى توافق عليها.

إلا أن العملية الروسية في أوكرانيا أحدثت تغيراً مفاجئاً في الرأي العام في كل من فنلندا والسويد لصالح الانضمام إلى الناتو، وهو أمر لم يكن يحظى بكثير من التأييد في الماضي.

فقد أظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة “يلي” Yle الفنلندية للبث يوم الاثنين الماضي بن نسبة قياسية من الفنلديين (76 في المئة) باتت تؤيد الانضمام إلى الناتو، مقارنة بما بين 20 و30 في المئة في السنوات الأخيرة.

الناتو (تعبيرية-iStock)

الناتو (تعبيرية-iStock)

كما أظهرت بعض الاستطلاعات تحوّلا في الرأي العام السويدي أيضاً، وإن كان بمستويات أقل، إذ بات حوالي نصف السويديين يؤيّدون الانضمام.

تقديم الترشيح

أما حالياً، وبعد أسابيع من الاجتماعات السياسية المكثّفة سواء في الداخل أو الخارج، باتت جميع المؤشرات تدل على أن البلدين سيعلنان تقديم ترشيحيهما للانضمام قبل نهاية هذا الأسبوع.

فقد أفاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد، بأنه سيعلن موقفه حيال عضوية الناتو في 15 مايو الجاري، وسيوفر تأييده للخطوة غالبية برلمانية واضحة لتقديم الطلب.

حفيظة موسكو

في المقابل، يثير أي توسيع للناتو حفيظة موسكو، التي قاومت تاريخيا أي توسع له باتّجاه الشرق ودانت بشدة أي مؤشرات إلى احتمال انضمام أوكرانيا إليه.

لكن التحذيرات الروسية المتزايدة من التداعيات “السياسية والعسكرية” دفعت السويد وفنلندا على ما يبدو للإصرار أكثر على العضوية.

على أبواب روسيا

وسيصبح الحلف بذلك مباشرة على أبواب روسيا، وستضاعف عضوية فنلندا طول الحدود البرية للناتو مع روسيا إلى حوالي 2600 كلم، ما قد يطرح علامات استفهام حول الرد الروسي!

إلا أن براو اعتبرت تعليقاً على تلك التساؤلات، أنه “من منظور المخاطر، يعد هذا التوقيت لانضمام البلدين مثالياً، فروسيا المنشغلة في مكان آخر، سيكون من الصعب جدا عليها الرد عسكرياً”.

يشار إلى أنه يتوقع أن يعلن الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو رأيه “الشخصي” في مسألة الانضمام إلى الناتو، اليوم الخميس، بينما يتوقع أن يعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء سانا مارين قراره بحلول يوم السبت كأقصى حد.

سنوات من الحياد

وقد يطيح الموقف المرتقب، بسنوات مديدة من الحياد.

فعلى الرغم من تمتّع فنلندا بقوة عسكرية لافتة على اعتبار أنها دولة تعد 5,5 مليون نسمة فقط، إذ تملك جيشا احترافيا يبلغ عديد جنوده 12 ألفا فضلا عن 21 ألف مجنّد إضافي كل عام وقوة لأوقات الحرب مكوّنة من 280 ألف جندي، إضافة إلى مدفعية قوية وحوالي 60 طائرة حربية، إلا أنها انتهجت لسنوات سياسة الحياد.

إذ ظلت محايدة إبان الحرب الباردة، مقابل ضمانات تلقتها من موسكو بأنها لن تغزوها.

بدورها، حافظت السويد على مدى زمن طويل على سياسة قائمة على الحياد خلال النزاعات، في نهج يعود إلى حقبة الحروب النابليونية، على الرغم من أنها تملك حاليا جيشا حديثا متوافقا بالفعل مع معايير الناتو، إلى جانب قطاعها المتطور لصناعة الأسلحة.