بعد عشق دام 75 عاما.. قصة الإنجليزية غريزلدا في السودان

قصة غريزلدا بدأت مع السودان في عام 1945 حينما كانت تدرس الفنون في جامعة لندن حيث التقت بطالب الدكتوراة المبتعث من السودان لذات الجامعة عبدالله الطيب الذي تزوجها بعد أشهر قليلة من اللقاء الأول وأتى بها لاحقا إلى قريته في شمال السودان.

ومثلما أحبت غريزلدا زوجها الطيب فقد أحبت حياة السودان وظلت جزءا منها حتى بعد وفاة زوجها قبل نحو 20 عاما.

وظلت غريزلدا رغم تقدمها في السن تعمل خلال السنوات الأخيرة على تخليد أعمال زوجها عبر العديد من الأنشطة الفنية والثقافية.

ويقول مقربون منها أنها نجحت تماما في تنفيذ وصيته المتمثلة في حفظ إرثه العلمي الضخم من كتب وتسجيلات في مجال اللغة والقصة وتفسير القرآن الكريم.

ويشير أحد اقارب الراحل عبد الله الطيب المنحدر من إحدى القرى الغربية للنيل قبالة مدينة الدامر في شمال السودان إلى أن الطيب مثلما كان ملهما للسودان والعالم العربي فقد كان ملهما أيضا لزوجته التي انعكس ذلك الإلهام في وفائها لأهله وقريته وموروثه العلمي الضخم.

وتجسد ذلك الوفاء بشكل كبير في اختيارها للسودان كمكان لحياتها بعد وفاة زوجها رغم الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد خلال الفترة الأخيرة.

ويقول الرجل لموقع “سكاي نيوز عربية” إن حزنهم على رحيل جريزلدا لا يقل عن حزنهم على رحيل ابن جلدتهم الطيب قبل 20 عاما.

ووفقا له فقد خفف وجود غريزلدا بينهم طوال السنوات العشرين الماضية حزن فقدانهم للطيب، حيث كانوا يرون فيها رمزا للوفاء الإنساني مهما اختلفت الأجناس أو الأوطان.

وتعتبر غريزلدا واحدة من اللائي أسهمن كثيرا في ترسيخ معاني الدبلوماسية الشعبية، حيث نعتها السفارة البريطانية في الخرطوم بكلمات معبرة، مشيرة إلى أنها كانت واحدة من أقدم الرعايا البريطانيين المقيمين في السودان.

وكانت قد حصلت في العام 2002 على وسام الملكة البريطانية تقديراً لمساهماتها في العلاقات البريطانية السودانية.

ورغم بلوغها الخامسة والتسعين من العمر ظلت غريزلدا تمارس أنشطتها الاجتماعية والفنية بحيوية قائمة حتى قبل أيام قليلة من وفاتها الجمعة.

وتمكنت في الفترة الأخيرة من تقديم إسهامات كبيرة في مجال الفن التشكيلي والفلكلور وتصميم الأزياء الشعبية، واهتمت الراحلة كثيرا بتعليم المرأة السودانية وكانت من الناشطات جدا في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.

والجمعة، شيع مئات السودانيون غريزلدا الطيب (95 عاما) إلى مثواها الأخير في إحدى المقابر في شمال الخرطوم بعيدا عن وطنها الأم إنجلترا، لتكتب الفصل الأخير من قصتها.