سفينة تنقيب إسرائيلية تستنفر لبنان..ما هي عقدة الخط 29؟

عاد ملف الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة، بعد وصول سفينة تابعة لشركة “إنرجيان باور” (شركة يونانية متعاقدة مع إسرائيل)، أمس الأحد، للتنقيب عن الغاز الطبيعي، إلى حقل كاريش النفطي المتنازع عليه في البحر الأبيض المتوسط.

وأثار التحرك الإسرائيلي ردود فعل لبنانية على مستويات عدة، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى اشتعال المواجهة مجدداً مع إسرائيل، وتحوّل الملف إلى مزارع شبعا بحرية (نسبةً إلى مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل) بين حزب الله وإسرائيل، لاسيما أن زعيم الحزب المدعوم إيرانيا، حسن نصر الله هدد أخيراً “بمنع أي شركة تنقيب من القدوم إلى حقل كاريش”.

عقدة الخط 29

ولفت رئيس الوفد التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية، العميد الركن بسام ياسين لـ”العربية.نت”: “أن تمسّك لبنان بالخط 29 بدل الخط 23 يضمن حقوقه في حقل كاريش النفطي الذي أعلنه لبنان رسميًا حقلًا متنازعاً عليه”.

ولا يزال الموقف اللبناني ضائعاً ما بين الخطّ 23 المقابل لحقل قانا أو الخط 29 الذي ينطلق من رأس الناقورة، واعتباره أساساً للترسيم وقاعدة للتفاوض غير المباشر مع إسرائيل، بوساطة أميركية.

ففي عام 2011 أقرت الحكومة اللبنانية المرسوم (6433) الذي حدد الخط 23 الواقع شمال الناقورة خطاً أولياً للحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية للبلاد، قبل أن يطالب الجيش اللبناني في كتاب عام 2019 بتعديل المرسوم المذكور واعتماد الخط 29 في عملية ترسيم الحدود البحرية لأنه يسمح للبنان بالاستفادة من كامل حقل قانا ونصف حقل كاريش.

توقيع عون لم يحصل

وينتظر المرسوم توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون ليُصبح نافذاً إلا أنه حتى الآن لم يقم بذلك، بل اتّخذ موقفاً غير مسبوق منذ أشهر وهو “اعتماد الخط 23 للتفاوض عوضا عن 29″، وهو ما اعتبره عدد من الخبراء “تنازلاً” لبنانياً لإسرائيل قدّمه رئيس الجمهورية ربما لمصلحة صهره النائب جبران باسيل مقابل رفع العقوبات الأميركية عنه.

من الساحل اللبناني جنوباً (فرانس برس)

من الساحل اللبناني جنوباً (فرانس برس)

“خطيئة كبرى

وفي الإطار، أكد العميد ياسين “أن الخط 29 هو الوحيد القانوني والقوي، وباقي الخطوط غير قانونية، والخط 23 صناعة إسرائيلية وضعته تل أبيب لحماية حقولها النفطية”، معتبراً أن التراجع عن الخط 29 لمصلحة 23 خطيئة كبرى بحق لبنان. وقال “حرام حرام ما يحصل في موضوع الحدود البحرية، فالتفاوض مش لعبة، والتراجع عن الخط 29 يُكلّفنا خسارة نحو 1430 كيلومتراً مربعاً من حدودنا”.

كما شدد على أن المطالبة بالحقوق لا تنفع إذا لم يتم التوقيع على تعديل المرسوم “6433”.

عناصر من الجيش اللبناني (فرنس برس)

عناصر من الجيش اللبناني (فرنس برس)

ضمانات أميركية ولبنانية!

إلى ذلك، أضاف أن “السفينة دخلت في منطقة متنازع عليها، ما يعني أن المكان الذي رست فيه لا يعني شيئاً سواء داخل الخط 29 أو خارجه، ودخولها المياه الإقليمية معناه أنها حصلت على ضمانات من الجانب الإسرائيلي لتبدأ عملية التنقيب، أما ضمانات الجانب الأميركي فإما حصلت عليها مباشرةً منه أو “أمّنها” أحد أركان السلطة اللبنانية”.

عودة الوسيط الأميركي

في حين أوضحت مصادر مقرّبة من رئاسة الجمهورية لـ”العربية.نت”: “أنها تترقّب عودة الوسيط الأميركي في مفاوضات الترسيم، عاموس هوكشتاين إلى بيروت في الأسبوعين المقبلين من أجل استئناف المفاوضات البحرية”.

وقالت “إن قيادة الجيش تجمع المعلومات الدقيقة حول مسار باخرة التنقيب اليونانية في ظل الأخبار المتداولة عن أنها لم “تدخل” المنطقة المتنازع عليها، وفي ضوء تقرير الجيش المتوقّع إنجازه خلال ساعات سيحدد الموقف الرسمي اللبناني والخطوات الدبلوماسية التي ستُتخذ”.

سيارة تابعة للأمم المتحدة بمنطقة الناقورة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية

سيارة تابعة للأمم المتحدة بمنطقة الناقورة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية

يشار إلى أن المفاوضات البحرية غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل انطلقت في أكتوبر 2020، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، وعُقدت 5 جولات من التفاوض أحدثها في 4 مايو/ أيار العام الماضي.

وقدّم الوفد اللبناني خلال إحدى المحادثات خريطة جديدة تدفع باتجاه 1430 كلم إضافياً للبنان، وتشير إلى أن المساحة المتنازع عليها هي 2290 كلم، وهو ما رفضته إسرائيل وأدى إلى توقف المفاوضات.