شهادات أربع روائيين معاصرين على أهمية جائزة غونكور في حياتهم

لم تحقق الجائزة الفرنسية الرفيعة مبيعات مجزية لرواياتهم وكتبهم فحسب، ولكنها أطلقت شهرتهم في آفاق الأدب ليس على المستوى المحلي بل العالمي.

ولكل كاتب من هؤلاء يحتفظ بذكريات عن نيله لأول مرة الجائزة والمشاعر التي انتابتهم في تلك اللحظات السعيدة من حياتهم.

يقول أمين معلوف: “كان ذلك في 8 نوفمبر 1993، وكنت عند ناشري في شارع سانت بيير. كنت قد وصلت مبكر جدا إلى مكتب صاحب الدار جان كلود فاسكيلي، حيث انضم إليّ، واحدا تلو الآخر، الأشخاص المسؤولين عن الدار، ثم بعض مؤلفيه الرئيسيين. أتذكر هيكتور بيانكيوتي الذي كان يرتدي ملابس أنيقة للغاية لدرجة أن جدية اللحظة أصبحت ملموسة فجأة، مما زاد من خوفي. كان التقليد في دار غراسيه هو الاجتماع والاستماع إلى إعلان جوائز غونكور من راديو ترانزستور قديم بصوت أجش، والذي احتفظنا به بلوحة مفاتيحه لهذه المناسبة الفردية، من المفترض أن يجلب لنا الحظ السعيد. مع اقتراب الساعة الواحدة بعد الظهر، تجمع ثلاثون شخصا في الدار. عندما أعلن فرانسوا نوريسييه عن اسم الفائز في مدينة دروانت، كانت مشاعري قوية لدرجة أنني لم أسمع جيدا الاسم الذي نطق به. عندما تصاعد الصخب وسط الحشد الصغير، وبدأ الناس يتدافعون من حولي لتقبيلي، أدركت حينها أن الفائز هو أنا عن روايتي ــ صخرة طانيوس ــ 1993”.

الكاتب المغربي الطاهر بن جلون يقول معبرا عن فوزه الأول بهذه الجائزة: “انفجرت في البكاء مثل طفل اجتاز الامتحان لتوه. علاوة على ذلك، عندما اتصلت بوالدتي الأمية والتي لا تعرف كل هذه الألعاب التحريرية، قلت لها: أمي، لقد نجحت. وفي المساء، شاركت في برنامج بيرنارد بيفو الذي يحاور الأدباء. كما تلقيت برقية من ملك المغرب وأجبت عليها بلطف دون بروتوكول. كنت أول مغربي يحصل على هذه الجائزة الرفيعة. بعد فترة وجيزة، استقبلني الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران في قصر الإليزيه في اجتماع المجلس الأعلى للفرانكوفونية الذي كنت عضوا فيه”.

أما الكاتب الروسي أندريه ماكين الذي استقر في باريس وراح يكتب بالفرنسية، يقول: سافرت إلى فرنسا لمدة ستة أشهر، ولم أقابل قرائي قط. اكتشفت فرنسا التي تقرأ، والتي لم تسمح لي رواياتي السابقة بفعلها: مدرسون، أمناء مكتبات، قراء متحمسون. مجتمع يقرأ الكتب ويتحدث عنها بحماسة. إنني أقدر القراء كثيرا”.

وتقول بول كونستانت عن فوز روايته “ثقة من أدل الثقة”: “قررت أن أنشر روايتي في الربيع. لكن في سبتمبر، وجدت نفسي على قائمة جائزة غونكور، وحتى في النهائي. في يوم الإعلان، كنت عائدا من بيروت وطلبت من سائق التاكسي تشغيل الراديو، ووقتها سمعت اسمي. اضطررت للذهاب إلى كافيه دي فلور حيث تم الترحيب بالفائزين. كنت أرتدي ملابس السفر“.

مشاعر الفوز مختلفة، ولكن ثمة قاسما مشتركا يجمع بين جميع الكتّاب والأدباء، وأغلبها الدموع التي تملأ عيونهم، وهي دموع الفرح بلا شك، وعدم السيطرة على المشاعر والأحاسيس، بعضهم علم بنتيجة فوزه في مقهى دبي فلور، وبعضهم أثناء عودته من السفر، وآخرون من خلال أصدقائهم.