السودان.. امتحانات الثانوية تجسد إرث 120 عاما بتعليم البنات

ويعتبر السودان واحدا من أوائل البلدان العربية التي كسرت الحاجز الاجتماعي خصوصا في المناطق الريفية، حيث افتتحت أول مدرسة للبنات عام 1903 بمدينة رفاعة بوسط البلاد على يد بابكر بدري، الذي أسهم بعد ذلك في إرساء دعائم قوية لتعليم المرأة في كافة المجالات العلمية والإنسانية.

ورغم تميز امتحانات العام الحالي عن غيرها بالعديد من الأحداث المثيرة، حيث داهم المخاض طالبة فوضعت طفلا أثناء الجلسة الأخيرة التي كانت مخصصة لامتحان اللغة الإنجليزية، فإن اللافت كان جلوس امرأة تبلغ من العمر 74 عاما لخوض الاختبار.

وتوضح الحاجة زهرة حسن التي جلست للامتحان في سن الرابعة والسبعين، وهي جدة لعدد من الأحفاد الذين تخطى بعضهم المرحلة الجامعية، أن الهدف من إصرارها على مواصلة تعليمها في هذه السن المتقدمة هو أنها تريد أن تشجع المرأة السودانية على التمسك بالتعليم والاستفادة من الإرث القديم الذي أسسه بابكر بدري في بدايات القرن الماضي.

وتقول الحاجة زهرة لموقع “سكاي نيوز عربية” إن تعليم المرأة من العناصر المهمة لتطوير المجتمعات، مشيرة إلى أنها تريد مواصلة تعليمها “للإسهام مستقبلا في الاهتمام أكثر بتعليم البنات من خلال إنشاء مؤسسة تعليمية متكاملة، تساعد الفتيات والنساء الريفيات اللائي منعتهن الظروف الاجتماعية والاقتصادية عن مواصلة تعليمهن”.

وفي ذات السياق، ترى نفسية بدري، وهي أستاذة جامعية وحفيدة بابكر بدري رائد تعليم النساء في السودان، أنه “من الطبيعي والمهم أن تسعى المرأة في السودان إلى تعليم نفسها مهما كانت الظروف أو الأوضاع الاجتماعية المحيطة بها”.

وتشير بدري إلى أن عودة كبار السن مثل الحاجة زهرة لمقاعد الدراسة “تؤكد رسوخ ثقافة تعليم المرأة في السودان منذ وقت مبكر جدا”، حيث أسس جدها مدرسة للبنات وألحق بها بناته وبنات أقاربه قبل أكثر من قرن، الأمر الذي أسهم في كسر الكثير من قواعد المجتمع السوداني التي كانت ترفض إلحاق البنات بالمدارس آنذاك.

وتضيف الأكاديمية السودانية أن جدها “أسهم بعد ذلك في تطوير تعليم البنات بشكل نوعي، حيث أسس جامعة الأحفاد في أم درمان (إحدى مدن العاصمة الخرطوم الثلاثة)، التي رفدت الخدمة المدنية في البلاد بعدد كبير من الكوادر النسائية في مجالات العلوم التطبيقية والإنسانية”.

وتقول إنه “من واجب الدولة الاستمرار في الاهتمام بتعليم البنات، لأن في ذلك حلولا للكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المجتمع السوداني”.