الكارنتيتا.. قصة الأكلة الجزائرية الشهيرة وتاريخها الإسباني

وفور وصوله إلى مدينة وهران بصفته ضيف شرف حفل ختام الدورة 19 لألعاب البحر المتوسط، تحدث الفنان العالمي وليام سامي، المعروف بلقب “ديجى سنيك” عن لعشقه لأكلة الكارنتيتا التي تعد إحدى أشهر الأكلات الشعبية الجزائرية.

إقبال النجوم

وقال ديجى سنايك: “أول شيء سأقوم به في وهران هذا الصباح بعدما وصلت إلى المطار هو أن أتوجه إلى تناول الكارنتيتا في أحد المحالات الشعبية”.

وعقب تنظميه لندوة صحفية، توجه ديجي سنايك، إلى مطاعم الاكل السريع “عمي عيبوط” الشهير ببيع “الكارنتيتا ” في حي العقيد مجدوب وسط مدينة وهران، وتناول ساندويش الكارنتيتا وسط عدد من المواطنين العاديين.

وعبر صاحب المحل عن شعوره بالفخر لاستقبال أشهر فنان “ديجي” في العالم رفقة نجوم الفن والرياضة.

وقال صاحب المحل: “لقد لاحظت حرص ضيوف وهران على زيارة المحل طيلة ألعاب البحر المتوسط، ضيوف من كل الجنسيات سمعوا بهذه الأكلة حتى قبل أن يحلو بوهران وهذا يسعدني”.

طعم التراث والتاريخ

وتزخر الجزائر بالعديد من الأكلات الشعبية التي لها حكايات من التاريخ، وتعتبر الكارنتيتا واحدة من أشهر الأكلات الشعبية التي لا تزال تحافظ على مكانتها منذ أكثر من أربع قرون.

ولهذه الأكلة الشعبية حكاية مع مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر، حيث يعود تاريخها إلى فترة الاستعمار الإسباني لمدينة وهران وهي تخلد جزء هام من كفاح الشعب الجزائري.

ويعود تاريخ ظهور هذه الأكلة إلى القرن الـ16، تحديدا مع الاحتلال الإسباني لوهران، عندما سيطروا على المرسى الكبير سنة 1505، إلى أن تم تحرير المدينة كليا عام 1792.

وقال المؤرخ فؤاد صوفي، والباحث بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية لموقع سكاي نيوز عربية: “بعدما سيطر الإسبان على وهران لعدة سنوات، نجح المسلمون بقيادة باي معسكر محمد بن عثمان من محاصرة المحمية العسكرية الإسبانية، ولم يجد الإسبان ملاذا آخر سوى الاحتماء بقلعة سانت كروز بآعلي وهران “.

وقد دام الحصار لمدة أسابيع ولم يجد الإسبان شيئا آخر يأكلونه في قلعة سانت كروز، سوى بعض الحمص المجفف وزيت الزيتون، فقاموا بطحن الحمص وتسخينه مع الزيت وأكله خلال تلك الفترة.

وحسب الموروث الشفهي الوهراني فإن أصل تسمية” الكارنتيتا “هي” كالينتي” باللغة الإسبانية والتي تعني “الأكل الساخن “، وقد أطلقه الإسبان على تلك الأكلة. 

عنوان الأحياء الشعبية

وتتكون شطيرة الكارنتيتا من الخبز والحمص المخلوط بالكون وزيت والقمح، ومع مرور الزمن تم تحسين الأكلة وتطويرها وإضافة بعض المواد عليها منها الباهرات والبطاطس المقلية لإعطائها نكهة خاصة.

واليوم لا يخلوا أي شارع أو حي شعبي في المدن الشمالية للجزائر من محل خاص يبيع شطائر الكارنتيتا، خاصة في ولايات الوسط والشمال الغربي للجزائر.

ففي العاصمة الجزائرية تكثر محالات الكارنتيتا في حي باب الواد الشعبي والقصبة العتيقة، حيث تقدر أرقام غرفة التجارة عدد المطاعم التي تقدم هذه الأكلة بحوالي ألف محل مرخص.

وتستقطب تلك المطاعم، زبائن من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، خاصة الشباب نظرا لسعرها البسيط الذي لا يتعدى نصف دولار للشطيرة الواحدة، وهو ما يجعلها “أكلة البسطاء”.

ورغم طعمها اللذيذ إلا أن المتخصصين في التغذية وجمعيات حماية المستهلك تحذر من الإفراط في تناولها يوميا وذلك لأثارها الجانبية على الجهاز الهضمي وخاصة القولون.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي لموقع سكاي نيوز عربية: “محلات بيع الكارنتيتا هي جزء من الثقافة الشعبية الجزائرية، وهي تراث مهم ونظر لطعمها اللذيذ فإنها تستهوي الزبائن لاستهلاك كميات كبيرة منها يوميا، ومن المعروف فإن الإفراط في تناول أي شيء له انعكاسات سلبية على الجهاز الهضمي لهذا ندعو لترشيد الاستهلاك دائما”.