الجزائر تعيد البريق إلى البناء العتيق

وأعدت الحكومة الجزائرية مخططا لترميم جميع مباني العاصمة الجزائر بحلول عام 2029، وذلك بهدف تقديمها بأبهى حلتها، خاصة الشوارع والأحياء الرئيسية والواجهة البحرية التي يعود عمرها إلى عام 1840، وذلك بالتعاون مع شركات أجنبية متخصصة في مجال حماية البنايات القديمة والمعالم التاريخية وترميمها.

أنماط معمارية مختلفة

ويقول المهندس المعماري الجزائري المتخصص في مشاريع الترميم، نصر الدين مخلوفي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “مدينة الجزائر مقسمة إلى عدة أنماط معمارية، وهناك عدد كبير من المباني التي تعود إلى القرن الثامن عشر وأحياء كبيرة مهمة في أعلى العاصمة يعود تاريخها إلى أربعينيات القرن الماضي، وهي تمزج بين مختلف الأنماط المعمارية، مما يجعل من الجزائر أشبه بمدرسة للهندسة العمرانية بالنسبة لنا كباحثين”.

وتضم شوارع الجزائر مختلف الأنماط المعمارية من الكلاسيكي والرومنسيكي والإسلامي والفيكتوري، واليوم يمكن ملاحظة حجم السلالم الحديدة المخصصة لإشغال الترميم، وهي تغطي تلك العمارات الرئيسية للعاصمة خاصة التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية، فعمر بعضها يصل إلى 150 سنة.

وتركز الأشغال على الواجهة البحرية للعاصمة، التي صممها المهندسان المعماريان بيير أوغست جياوتشين وتشارلز فريديريك تشاسريو عام 1840، وأيضا على شوارع المحروسة التي تشمل القصبة السفلى والعليا والتي بناها بلقين بن زيري عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية القديمة “إيكوسين”.

وقال المهندس المعماري: “لا يجب أن تركز الأشغال على إعادة بريق الواجهات فقط، وإنما الاهتمام بالبنية التحتية وفالمنازل هي تراث إنساني أيضا، وهو ما يجب الاهتمام به أكثر في المرحلة الحالية”.

أكثر من 15 ألف بناية عتيقة

وقد أحصت الجزائر أكثر من 2 مليون وحدة سكنية تصنف في خانة العتيقة، وهي موزّعة على عدد من ولايات البلاد، خاصة المدن الساحلية مثل عنابة وقسنطينة ووهران والعاصمة.

وتوجد تلك الوحدات السكنية ضمن أزيد من 15 ألف عمارة قديمة على المستوى الوطني، عمرها يتراوح ما بين الـ100- 120 عاما، وهي لا تزال مستخدمة من طرف المواطنين أو من قبل الدولة كمقر للإدارات، ومؤسسات رسمية، غير أن وضعية العشرات منها باتت تستدعي التدخل العاجل لإعادة ترميمها لأنقاضها من الانهيار.

ويؤكد خبراء المعمار أن هناك 220 بناية تتطلب الترميم بشكل عاجل، أو الهدم بسبب وضعها الخطير، بسبب الفترة الزمنية الطويلة التي مضت على تشييدها، وعامل الإهمال والهزات الأرضية المتتالية على المنطقة.

وتقع الجزائر في منطقة زلزالية حساسة، حيث تم الكشف عن عدة صدوع في أراضيها، ويقول خبراء الجيولوجية إنه من المحتمل أن تؤدي هذه الصدوع إلى حدوث زلازل كبير، أعنف من ذلك الذي تم تسجيله 1365، ودمر الجزائر العاصمة بالكامل وغمر جزءا كبيرا منها بالمياه.

ويؤكد رئيس نادي المخاطر الكبرى البروفيسور عبد الكريم شلغوم أن العديد من المباني التي تم بناءها خلال القرن الماضي قاومت العديد من العوامل الطبيعة وخاصة الهزات الأرضية والأمطار.

نقاش متجدد

ومع حلول فصل الشتاء كل عام، يعود النقاش عن الحالة المعقدة لتلك المباني والتي لا ترغب الدولة في هدمها نظرا للرمزية التاريخية،وهي تحاول بكل الطرق للحفاظ عليها.

وقال شلغوم لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لقد بنيت الجزائر في منطقة معروفة بالحركة الزلزالية، وهو ما يقتضي إجراء دراسات معمقة من طرف المراكز البحثية لتشخصيه وضعية هذه المباني”.

وقد انطلق مشروع الجزائر البيضاء، عام 2014، ليوفر 55 ألف سكن عبر 14 بلدية من بلديات العاصمة، وقد تم تقسيم المشروع على خمس مراحل.

وشملت المرحلة الأولى 11 ألف سكن، والعملية لا تزال تتقدم بشكل بطيء، رغم إعادة تأهيل العمارات المصنفة في خانة الحمراء بالجزائر العاصمة والتي كان عددها في ذلك الوقت 500 عمارة.