مسلات مصر.. تاريخ ثمين استقر أغلبه في الخارج

وعرف المصري قديما المسلات باسم “تخن”، وأطلق عليها الإغريق “Obelisk”، بينما سماها الأوروبيون “needle” لتشابهها مع شكل الإبرة.

والمسلة أحد أبرز مكونات المعابد المصرية، ويرى باحثون أنها مصدر فكرة البرج في الكنائس، ثم المئذنة في المساجد، سواء من ناحية الشكل أو الوظيفة، كعلامة دالة على المعبد للقادم من بعيد.

بداية الظهور

ظهرت المسلات بشكلها المشهور أمام المعابد في الأسرة الخامسة (قبل نحو 4500 سنة) مع انتشار عبادة رع، ووجدت في معبد ني أوسر رع، حسبما يشرح الباحث الأثري محمد إمام صالح.

وتتشابه نقوش المسلات في أنها توثق لفترة الحاكم الذي شيدت في عصره، حيث تحمل ألقابه وبعض أعماله.

مم تتكون المسلة؟

• يقول صالح لموقع “سكاي نيوز عربية” إنها تتكون من قاعدة ينقش عليها 4 قرود ترفع أيديها باتجاه شروق الشمس، ابتهالا للإله عند ظهوره.

• بعد ذلك يأتي البدن الذي ينحته الفنانون من الأحجار، وتحفر عليه الكلمات والصور.

• يعلو المسلة “هُريم” تكسوه طبقة “إليكتروم”، وهي خليط من الذهب والفضة والنحاس ليعكس أشعة الشمس فيسهل للقادم من بعيد رؤيتها ومعرفة مكان المعبد.

13 مسلة في مصر

توجد في مصر حاليا 13 مسلة، لكنها ليست كل ما أنتجته الحضارة المصرية القديمة، حيث تعرض الكثير منها للنقل والتهريب في عصور مختلفة، بداية من الاحتلال الروماني حتى القرن التاسع عشر.

وتتوزع المسلات، حسب الباحث الأثري، في ميدان التحرير وحديقة الأندلس وصالة مطار القاهرة والمتحف المصري والعاصمة الإدارية، وكل هذه منقولة.

أما الباقية في أماكنها، فتوجد في حي المطرية بالقاهرة، ومعبد الأقصر بمحافظة الأقصر، ومعابد الكرنك القريبة منه.

28 مسلة في الخارج

ومن المفارقات أن عدد المسلات خارج مصر بات أكثر من ضعف ما بقي فيها، حيث توجد 28 مسلة في عدة دول منها 13 في إيطاليا و4 في فرنسا وواحدة في الولايات المتحدة وأخرى في بريطانيا.

وتعد مسلة حتشبسوت أضخم المسلات، وهي مصنوعة من الجرانيت الأحمر وارتفاعها 30 مترا وتزن 323 طنا، وهي من مسلات الكرنك، وتقف شامخة أمام البحيرة المقدسة بجانب مسلة تحتمس الثالث، كما يقول لموقع “سكاي نيوز عربية” مدير معابد الكرنك الطيب الغريب.

ولكثرة معابده، فإن معظم المسلات جلبت من الكرنك الذي ضم 22 مسلة، تعرض أغلبها للسرقة أو النقل.

وعن مصدر حجارة المسلات، يجيب الغريب أنها تجلب من محاجر في أسوان جنوبي مصر، ومنها الغرانيت والحجر الرملي والكوارتزيت.

أما معبد رمسيس الثاني (معبد الأقصر) فبقيت به مسلة واقفة أمام بوابته بجوار تماثيل رمسيس الجالسة، بارتفاع 23 مترا ووزن 257 طنا، كما توضح مفتشة الآثار بالمعبد إبتهاج أحمد علي لموقع “سكاي نيوز عربية”.

ونقلت المسلة الأخرى التي كانت في المعبد إلى ميدان كونكورد في باريس، حيث أهداها محمد علي باشا إلى فرنسا عام 1836.

كيف تشيد؟

تثير ضخامة المسلة ودقة صنعها التساؤلات حول كيفية تقطيع حجارتها ثم نحتها وتركيبها، ونصبها في أماكن بعيدة عن محاجرها.

وحسب مصادر في هيئة الآثار، فبعد تحديد مكان قطعها يحفر العمال أخاديد باستخدام أدوات من البرونز أو النحاس، ثم يدقون عليها بقطع من الديوريت، وبعدها يضعون قطعا من الخشب في الأخاديد ويصبون الماء فتتمدد الأخشاب، وتشكّل ضغطا طبيعيا على الأحجار، حتى تنفصل عن مكانها.

وفي المرحلة التالية، يصقل العمال الأحجار بالرمال المبللة بالماء وأحجار الديوريت، ويضعونها على زحافات خشبية ليتم نقلها بالمراكب، وعند المعابد يستكملون نحتها ونقشها.