جود سعيد.. المخرج السوري الذي عاند ظروف الحرب القاسية

وفي حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، وصف جود عمله الروائي الجديد، بأعقد الأفلام التي صنعها في سوريا من ناحية ظروف التصوير، ليس للأسباب الأمنية وإنما للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي باتت تعيشها دمشق اليوم.

وشارك المخرج السوري بعمله الجديد “رحلة يوسف” ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية” التي نظمت خلال الدورة الـ44 لمهرجان القاهرة السينمائي، والذي يختتم فعاليته يوم الثلاثاء بدار الأوبرا.

وفي رصيد المخرج السوري حتى الآن تسعة أفلام روائية طويلة، قام بتصويرها في سوريا، منها فيلمان قبل الحرب “مرة أخرى” و”صديقي الأخير” وأربعة أفلام صورها أثناء “رجل وثلاثة أيام” و “مطر حمص” و “انتظار الخريف” و “درب السماء”.

ومع نهاية الحرب وتوقف العمليات العسكرية قام جود سعيد بتصوير “نجمة الصبح” و “مسافرو الحرب” و “رحلة يوسف”، والذي يجمع فيه مجموعة من أبرز الممثلين السوريين على رأسهم النجم أيمن زيدان في دور “يوسف”.

وأكد جود أن التصوير أثناء الحرب، مخاطرة كبيرة تحاصرها المفاجآت اليومية، وقد سبق وأن استيقظ فريق الفيلم عدة مرات على خبر وفاة أحد أفراد الطاقم أو الأصدقاء.

ويسرد جود كيف أنهم ومع مرور الوقت بدوا الاعتياد على صوت القذائف التي كانت تهبط بين الحين والآخر أثناء تصوريهم للأفلام، وقد أصبح الأمر بالنسبة لهم، يشبه أوركسترا الموت التي تحاصرهم صباحا ومساء.

أول تجربة بعد الحرب

بدأ المخرج السوري في التحضير لتصوير أول أفلامه بعد الحرب، بنهاية عام 2019.

غير أنه وبعد 25 يوما من التصوير، توقف بسبب جائحة كورونا، مما دفعه إلى حذف بعض المشاهد المكتوبة في السيناريو والتي لم يستطع تصوريها في نهاية المطاف.

وأشار المخرج السوري إلى أن ظروف التصوير اليوم في سوريا قد تغييرت شكلا ومضمونا، وقد باتت تشبه من الناحية الأمنية مرحلة ما قبل سنوات الحرب عندما كانت سوريا مسرحا كبيرا للأعمال الدرامية والسينمائية خاصة في سنوات التسعينيات وبداية القرن العشرين.

وأضاف أن هذه العودة رافقتها العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي أصبح يعيشها المواطن السوري، مما جعل من صناعة السينما تدخل نفقا ضيقا من جديد.

وأوضح جود: “نعيش أزمة اقتصادية، ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الأزمة على الظروف الإنتاجية الفنية”.

ويعتبر جود من بين أكثر المخرج السورين حظا، حيث قام بتصوير أفلام روائية طويلة خلال الحقبة الأخيرة في سوريا، وهو ما أكسبه خبرة في التعامل مع مختلف الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد.

وهذه الخبرة والسمعة انعكست بشكل مباشر على مشروعه الأخير، حيث اندفع التقنيون والممثلون السوريين للعمل بشكل تطوعي لإخراج فيلم “رحلة يوسف“.

وقد تقاضى بطل الفيلم الممثل أيمن زيدان عن دوره المتميز في فيلم “رحلة يوسف” مبلغ قدره أقل من ألفي دولار أميركي.

بينما تنازل المخرج عن أجره لمواصلة إنتاج الفيلم الذي لم تتعد ميزانيته 200 ألف دولار، والتي تشمل التحضير والتصوير وأجور الممثلين والديكور والمونتاج والمكساج والموسيقى.

التركيز على القصص الإنسانية

وخرج فيلم “رحلة يوسف” في شكل عمل روائي جميل من الناحية البصرية، حيث ركز على الطبيعة بشكل كبير مما منح الفيلم رونقا جماليا خاصا مع الابتعاد عن الديكورات الضخمة تماشيا مع طبيعة الفيلم الذي تناول حكاية المخيمات.

وحمل فيلم “رحلة يوسف”، مقاربة جديدة في قراءة الأوضاع في سوريا ما بعد الحرب.

حيث تجولت الكاميرا بشكل إنساني أكثر بين هموم الشارع السوري، وقضاياه المعقدة، لتنقل روح الدعابة والفرح وسخرية الحياة من قصص المنسيين في الأرض من ضحايا الحرب.

واختتم جود حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” قائلا إن: “الأزمة السياسية في سوريا أصبحت على الرف، بمعنى أنها مؤجلة ضمن التوازنات الجديدة التي يشهدها العالم، حتى في نشرة الأخبار فالموضوع السوري يكاد يكون غائبا، وعلى السينما أن ترافق قصص الإنسان”.