موريتانيا.. توجه نحو عصرنة المحظرة

ويدرس السالك طلابه عبر محادثة في تطبيق التواصل الفوري “واتساب”، بعيدا عن المحاظر، وانتجاع المراعي، وظهور العيس، كما درس هو سابقا.

ويدرس ولد سيدي بهذه الطريقة منذ أكثر من عام، وذلك للتوفيق بين البقاء في العاصمة، والتدريس بعد إجازته.

ويقول السالك ولد سيدي لموقع سكاي نيوز عربية: “كنت أدرس فيما مضى بإحدى المحاظر الداخلية، لكنني اضطررت للإقامة بشكل نهائي في نواكشوط، لمزاولة بعض الأعمال الحرة، ولأنني شغوف بتدريس المتون المحظرية، قررت منذ بداية 2022، التدريس افتراضيا بعد الاتفاق مع عشرات طلاب العلم.”

طريقة السالك في التدريس، أصبحت رائجة مؤخرا، وخاصة في العاصمة نواكشوط، وتعتمد أحيانا على الاشتراك بمبلغ مالي شهريا.

امبارك ولد حمزة، طالب في جامعة نواكشوط العصرية، ويدرس في الوقت ذاته، بعض المتون المحظرية افتراضيا، حسب حديثه لسكاي نيوز عربية، حيث أشاد بنتائج هذه الطريقة، التي مكنته من مواصلة التحصيل، دون أن تتأثر دراسته في التعليم العالي.

يقول امبارك لسكاي نيوز عربية: “كنت أتوقف عن دراسة الكتب الفقهية، خلال العام الدراسي، قبل أن أستأنفها في العطلة الصيفية من جديد، لكنني استطعت مؤخرا، مواصلتها عبر مجموعات الواتساب، وأفكر حاليا في الاستمرار بهذه الطريقة، حتى لا أضطر للذهاب إلى المحظرة، خلال العطلة الصيفية المقبلة”.

 وتعتبر المحظرة، هوية للمجتمع الموريتاني، وحضارته، لكنها لم تعد كما كانت من حيث الجودة والانتشار، في عصر ما بعد الإنترنت، إلا أنها مازالت تحافظ على مكانتها في التعليم.

ولأننا في زمن مقرون بالتحولات، بدأت محظرة “التيسير” التي تعد إحدى أشهر المحاظر الجنوبية، تنتهج التدريس عبر الوسائط الرقمية، رغم توافد الطلاب إليها بكثرة، حسب مسؤول علاقاتها العامة، أبو محمد الحسن ولد أحمدو الخديم.

يقول أبو محمد لسكاي نيوز عربية: “بدأنا مؤخرا التدريس عبر الوسائط الرقمية كالزوم والديسكورد، وذلك من خلال (كتاتيب شنقيط)، وندرس حاليا عن بعد، أكثر من مائة طالب عبر العالم، من ضمنهم 80 طالبا يدرسون في “مركز النور للدعوة والإعلام” بألمانيا.

أبو محمد أكد في حديثه لسكاي نيوز عربية، أن نظام تدريس المحظرة لم يتغير في زمن الإنترنت، كما أن الإقبال عليها، شهد ازديادا مطردا، لافتا إلى أن محظرة التيسير يدرس فيها حاليا، أكثر من 500 طالب وهو رقم قياسي للمحظرة التي تدرس منذ القرن الماضي.

وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، وباعتبارها القطاع الوصي على المحظرة، بدأت منذ فترة على بلورة خطط لرقمنتها، وعلى تطوير التعليم المحظري عبر الدعم والمتابعة، بحسب المستشار الإعلامي للوزارة مولاي بحيد، الذي أكد لسكاي نيوز عربية، حرص القطاع في المحافظة على شخصية المحظرة الموريتانية كإشعاع علمي وروحي للبلاد.

يقول المستشار الإعلامي: “يعمل قطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي على بلورة خطط لرقمنة المحظرة تماشيا مع متطلبات عصر السماوات المفتوحة وسبق للقطاع أن قدم تجارب مهمة في هذا المجال تمثل في دعم ورعاية الكراسي العلمية التي تبث عبر قناة “المحظرة” والتي هي عبارة عن محاظر تقليدية تدرس مناهجها عبر البث التلفزيوني ومختلف الوسائط الإعلامية المختلفة، وسيتواصل هذا الجهد لتوثيق وعصرنة كل المخرجات المحظرية.”

وتماشيا مع التحولات التي فرضها العصر، تغير نظام تدريس الأطفال في الكتاتيب، لدى بعض الأسر في نواكشوط، حيث أصبح التعليم المنزلي رائجا ، بدل إرسال الصغار إلى الداخل.

آمنة عبد المالك، استأجرت معلما خاصا لتدريس صغارها الأبجديات، وبعض سور القرآن الكريم في منزلها، مؤكدة أن تدريس الأبناء جنب عائلاتهم أفضل بكثير.

وتقول آمنة لسكاي نيوزعربية: “تعودنا قديما أن نرسل الصغار إلى الكتاتيب في الداخل للتعليم، لكن تلك الطريقة قاسية مع الأطفال من وجهة نظري، وبدل ذلك، قررت استئجار معلم لتدريس صغاري في المنزل، وليتمكنوا أيضا من الالتحاق بالمدرسة”.

مع التوجه نحو عصرنة التعليم الأصلي في موريتانيا، لا تزال المحظرة محافظة على هويتها القديمة، ونظام تدريسها في عدد من المناطق ، حيث شهدت الولايات الداخلية مؤخرا، تأسيس العديد من المحاظر، على غرار محظرة الأجواد في الحوض الشرقي، وخيار في تنويش، والصالحية، إضافة إلى محظرة الوئام.