المغرب.. جيل شاب من الأدباء يُصدر رواياته بالأمازيغية

ويؤكد الكاتب والروائي الأمازيغي، مصطفى القضاوي، أن “الإصدارات الأمازيغية تضاعفت في الآونة الأخيرة بشكل كبير”، قائلا: “لدينا تجارب لكتاب استطاعت أن تخرج من قوقعة المحلية، من ناحية الكتابة والتناول، وإن كانت ما تزال أسيرتها من ناحية التعامل”.

وكان القضاوي، أصدر مؤخرا روايته الجديدة بالأمازيغية، تحت عنوان: “أوفوغ” التي تعني خروج، يحكي من خلالها سيرة خروج “حَدّو” من مدينة وهران الجزائرية إلى قريته بمنطقة الريف شمال المغرب في أواخر خمسينات القرن الماضي.

وتسعى روايات صاحب “أوفوغ”، إلى جانب كتابات أدبية لجيل شاب من الأدباء الأمازيغ المغاربة، إلى إحداث دينامية في الساحة الثقافية والأدبية في المملكة، إذ “تحاول إسماع صوتها، والكتابة على السجية”، يوضح القضاوي لـ”موقع سكاي نيوز عربية”.

وتابع المتحدث نفسه، أن “الإبداع بالأمازيغية هو نوع من الخروج، وفي نفس الوقت هو عودة؛ على أساس أن الكلمة التي يكتبها المبدع الأمازيغي أشبه بإلقاء حجرة في بئر غائرة. ذلك الإلقاء هو المقصود بالخروج. أما العودة، فهو ما يأمله المبدع، أن يسمع دويها كغيرها من اللغات”.

تطور واضح للأدب الأمازيغي

وأفاد الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فؤاد أزروال، أن الأدب الأمازيغي الجديد في المملكة، هو “ذلك الأدب الذي أُبدِع باللغة الأمازيغية مكتوبا في إطار الطبع والنشر بالطرق الحديثة، والتي ظهرت أولى بوادره في بداية التسعينيات من القرن الماضي مسنودا برؤية حداثية”.

وأوضح أزروال، في تصريح لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن هذه الرؤية “تدعو إلى خلق قيم فنية وأدبية جديدة تروم تجاوز الأساليب والأشكال والأنواع التقليدية في التعبير الأدبي، وتسعى إلى إثراء الثقافة الأمازيغية بأدب يتسم بالتعدد والانفتاح على أنماط تعبيرية وإبداعية جديدة، تستجيب للتحولات السوسيوثقافية التي همت المجتمع المغربي”.

ولا ينفي صاحب كتاب “الأدب الأمازيغي المعاصر بالمغرب مظاهره وقضاياه”، أن “حركة التأليف في المجال الأدبي الأمازيغي، تميزت في البداية، بكثير من التردد والتقطع، لكن انطلاقا من بداية القرن الحالي، شهدت تطورا واضحا في الإنتاج واندماجا قويا في حركية الإبداع الأمازيغي المعاصر، واستطاع بذلك الأدب الأمازيغي الجديد أن يرسخ شرعيته الإبداعية في الأدب المغربي المعاصر”.

تجربة تملك كل أنوع الشرعية

ويرى الناقد والأستاذ الجامعي، الميلود عثماني، أن “تجربة الكتابة باللغة الأمازيغية تعد بابا من أبواب الكتابة بالمغرب، ومظهرا اجتماعيا وثقافيا مالكا لكل أنواع الشرعية، وهي بحاجة إلى تكاثف الجهود وتعاون الكتاب والدارسين، نقادا كانوا أم أكاديميين”.

ويدعو عثماني، في حديثه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، إلى “إرساء تقاليد جامعية وإدماج هذه الكتابة، في النسيج النقدي والأكاديمي إنصافا وحفاظا على التنوع والتميز اللذين طبعا دوما ثقافة شمال إفريقيا، عامة، والثقافة المغربية على وجه الخصوص”.

ويشدد مُؤلٍّف كتاب “فاعلية التخييل الروائي”، على أن “الحاجة ماسة لتشجيع هذا الصنف من الكتابة الأدبية والنقدية، حتى يحتل المنزلة التي يستحق بوصفه تعبيرا أصيلا عن كيانات وطنية أصيلة”.

إخفاقات في التجربة

يعتقد الناقد الأدبي، كمال زباير، أن الوعي الكتابي في تجربة الكتابة الأدبية الأمازيغية “ما يزال محدودا وبسيطة أحيانا، إذ يمكن تسجيل بعض الاخفاقات في العديد من المحاولات؛ وذلك نتيجة كونها محاولات يغلب عليها الوصف والتقرير والخطابة”.

وتابع صاحب كتاب “جمالية الشعر الأمازيغي المغربي الحديث”، في حديثه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن “هذا الاخفاق له عدة أسباب؛ منها قلة الأدباء الجادين الحريصين على الاستمرار في كتابة الأدب وتجديده وتحديثه، ومحدودية ثقافة بعض هؤلاء المبدعين، ثم قلة اللقاءات النقدية وغياب النقد المتابع المهتم بهذا الأدب”.

وسجل الناقد نفسه، أن “تحول الأدب الأمازيغي بالمغرب من طبيعته الشفاهية إلى التدوين والكتابة ليس من قبيل التحولات العادية والبسيطة التي قد تمس كل الآداب بين الفينة والأخرى تبعا لما يُستجد من معارف ومناهج وأحداث، بل هو انتقال في عمق مسار هذا الأدب وصورة معرفية في تاريخه، وهو ما يفترض من الباحثين والمهتمين الوعي بدقة المرحلة وبأهمية الانتقال”.