المغرب.. السيرة النبوية بتقنيات العصر

تظهر معروضات المتحف، التي تطلّب إعدادها 17 سنة من البحثِ العلمي، جمال أخلاق النبيّ محمد، وكريمَ آدابِه، وسماحَةَ شريعتِه. ويستعين المعرض بأحدث التقنيات الموجودةِ لتقريب الزائرين من الزمنِ الذي عاش فيه النبي الكريم.

السيرة النبوية بتقنيات العصر

على غير ما كان متوقعا، فاق عدد زوار معرض السيرة النبوية والحضارة الإسلامية 10 آلاف زائر يوميا. ويبلغ تدفق الزوار ذروته يومي السبت والأحد بما يناهز 20 ألفا لكل يوم. ويتزامن هذا التدفق مع حجز قائمة الانتظار للأشهر الثلاثة المقبلة بالكامل.

ويقول المدير العام للمعرض الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية، توفيق بن علي الشريف: “عندما تمت الموافقة على إقامة هذا المعرض كانت هناك خطة كاملة لعدد معين. لكن لم نتوقع هذا الحجم من الإقبال الذي تجاوز 10000 زائر في اليوم الواحد”.

ويضيف توفيق بن علي الشريف لـ”سكاي نيوز عربية”: “التفويج لجميع الجولات.. نظام المعرض هو نظام الجولات مع مشرف/مرشد .. كل دفعة تتكون من 20 إلى 30 زائرا .. تعاملنا مع جميع الدفعات ولله الحمد والمنة. لم يأت زائر إلا واستطاع الدخول وزيارة المعرض المكون من 5 قاعات”.

يقدم المعرض خلاصة مجموعة من العلوم والمعارف عن السيرة النبوية وشخصية الرسول، والقيم الناظمة للحضارة الإسلامية، عن طريق معروضات قريبة من الواقع.. وأخرى صممت بالاستعانة بأحدث التقنيات المبتكرة.

ويوضح نائب المدير العام لمنظمة الإيسيسكو، عبد الإله بن عرفة: “كل ما يتعلق بجسد الرسول صلى الله عليه وسلم: أنفه، فمه صلى الله عليه وسلم كل هذه الأشياء.. وتقدم في معلومات صحيحة وموثقة .. والقارئ هو الذي يختار مسار البحث .. بمعنى هو الذي يتخذ المسار الذي يريده، ليحصل على المعرفة التي يريد، بأحدث التكنولوجيا“.

ويؤكد عبد الإله بن عرفة لـ”سكاي نيوز عربية”: “مشاريع الانحراف والإرهاب التي عششت لمدة في العالم .. لو قدم هذا المحتوى أمام الجميع .. لما حصل هذا”.

ويضيف: “هذا المشروع هو تحصين وتمنيع للشباب من كل هذه الانحرافات والمجموعات الضالة التي تقدم السيرة النبوية في صورة مغلوطة.. تحصرها مثلا في المغازي.. والمغازي لم تدم سوى ستة أشهر. أما الرسالة النبوية فقد دامت أكثر من 20 سنة”.

علم نوراني

يحرص منظمو المعرض على تعريفه بما يتجاوز كونه معرضا كبقية المعارض.. بل هو في نظرهم مشروع ثقافي وحضاري، وفضاء لبث علم نوراني، والتعريف بسيرة عطرة.. وهدي نبوي شريف.

ويقول مدير مركز الحوار الحضاري بمنظمة الإيسيسكو، خالد فتح الرحمان لسكاي نيوز عربية: “هي أفكار تسعى على أقدام.. متى شاء لها أهلها أن يفهموا سياقها وأن يقدموا عليها بذلك الفهم الكبير الذي يعني أن كل مقولاتنا وكل رؤانا الفكرية إنما مدارها هو الحراك والنشاط والحيوية التي تقول يأن المسلم يتصل ماضيه بحاضر بمستقبلهفي غير ما انقطاع”.

المعرض يضم 20 قسما.. جميعها تحاول تقريب الزائر من شخصية الرسول وسيرته.. والفضاءات التي عاش فيها. هذا مجسم تقريبي لأعظم منبر.. صنع من الخشب نفسه الذي صنع منه المنبر الأصلي للنبي بمقاسات وأشكال تكاد لا تختلف عن تلك التي وردت في صحيح الأثر.

يشتمل معرض السيرة النبوية على فضاء فراشه من حصى.. وسقفه من قصب.. وجدرانه من طين.. حتى أن رائحة المكان تفوح بعطر الطبيعة.. ويخيل للزائر أنه يقتنص بجوارحه لحظات تتماهى مع العهد النبوي.

وقد زود المكان بمقتنيات ولباس وأثاث.. وصمم ليكون أقرب إلى النسخة الأصلية.

يقول أحدى زوار المعرض السيرة النبوية بالرباط: “عاش البساطة.. عاش القناعة.. ولكن نحن رغم البيوت التي نمتلك.. ليس لدينا تلك القناعة. يعني خدينا واحد العبرة بكل خشوع.. لدرجة أن دموعي لم أستطع حبسها لأننا عشنا فعلا حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكأننا بجانبه”.

من أبرز الرسائل الحضارية لمعرض السيرة النبوية تعريف الزائرين بخصلة الزهد التي اتصف بها النبي الكريم.

حياة النبي الكريم

فرغم قدرته على رغد العيش.. يوضح المعرض للزائر كيف أن النبي كان ينام على الحصير ويلبس البُرَد الغليظة.. وكان يمضي الشهر والشهران، ولا يوقد في بيته نار.. فقد كان يكفيه القليل من دنيا الناس.

يقول مدير مركز الحوار الحضاري بمنظمة الأيسيسكو، خالد فتح الرحمان: “الزهد الذي يقول لك بأن تنال نصيبك من الحياة الدنيا وأن تؤدّي حق نفسك وألا تجور على حقوق الآخرين”.

ويضف المسؤول في الأسيسكو لـ”سكاي نيوز عربية”: “هذا هو المنطق الأساسي.. والزهد الذي لا يصرف الناس عن التمتع بنعم الله الصالحة التي بثها لهم في هذه الحياة لأن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده”.

التعرّف على حياة النبي، وعلى القيم الحضارية التي حملتها رسالته الخالدة، يتم هنا عن طريق محاكاة لباسه، وفراشه، ومختلف أدواته، وذلك بالاستعانة بمواد طبيعية أصلية، تشبه تلك التي استعملها النبي، مع توظيف أحدث التقنيات لتقريب الأجيال الحالية من الفضاءات التي عاش فيها خاتم الأنبياء والرسل.

بالاستعانة بتكنولوجيات الواقع الافتراضي، والواقع المعزز يجري التفاعل هنا مع فضاء الحجرة النبوية الشريفة.. وكأن الزائر يدخلها.. وكأنه يطّلع على أبعادها وزواياها.. ويلمس تفاصيلها.

متى كانت حجرة نبوية؟ كيف كانت؟ وكيف تحولت إلى قبر طاهر؟ وبأي طريقة؟

يوضح مساعد مدير معرض السيرة النبوية بالرباط، ياسر بن عبد المحسن آل عبد الله: “هناك تقنية نظارات الـ’في آر‘ بحيث الزائر يلبس النظارات ويتجول ويحس وكأنه يعيش الزمن المراد”.

ويضيف آل عبد الله لـ”ـسكاي نيوز عربية”: “لكن هذه التقنية ندخل الزائر في نظرات الفي آر ولا يحتاج أن يضعها في عينيه. يحس وأكأنه انتقل بروحه وجسمه إلى زمن النبي ليتعرف على الحجرة النبوية الشريفة بكل تفاصيلها”.

يحتوي معرض “صلات” على نماذج من مسكوكات النقود التي تعامل بها المغاربة منذ العهد الأموي فالإدريسي، مرورا بالمرحلة المرابطية والموحدية، ثم المرينية والسعدية وصولا إلى العهد العلوي. وكلها عملات نقدية تحمل في عناوينها ومتنها تصلية وسلاما على الرسول.