المغرب.. آلية رقمية لردع “شهود الزور” في المحاكم

وأعلن المجلس الأعلى للسلطة القضائية (مؤسسة دستورية لتدبير شؤون القضاة)، إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية، أن “مديرية التحديث ونظم المعلومات بوزارة العدل، قامت بتطوير وظيفة جديدة بنظام تدبير القضايا الزجرية (ساج 2)، لمساعدة المحكمة على ضبط شهادة الشهود بمختلف القضايا الزجرية”.

وتعجّ محاكم المملكة بشهود الزور الذي يمتهنون هذا الفعل الذي يجرمه القانون المغربي، إذ أفرد القانون الجنائي المغربي الجزاء على كل شخص قدّم شهادة الزور، وذلك في الفصول 368 إلى الفصل 379. وتختلف عقوبة الشاهد بالزور حسب نوعية القضية؛ فقد يعاقب من شهد زورا سواء ضد المتهم أو لصالحه بالسجن من 5 سنوات إلى 10 سنوات في الجنايات.

ردع الظاهرة المشينة

وشددت دورية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي اطلع عليها موقع “سكاي نيوز عربية”، على أن “الآلية ستمكن من المساعدة على ضبط الأشخاص الذين يحترفون شهادة الزور، وبالتالي المساهمة في ردع هذه الظاهرة المشينة”.

وأوضح المصدر ذاته، أن هذه الوظيفة الرقمية “تساعد المحكمة على ضبط شهادة الشهود بمختلف القضايا الزجرية، إذ توفر هذه الوظيفة إمكانية البحث بواسطة رقم البطاقة الوطنية للتعريف، أو الاسم العائلي والاسم الشخصي، عن مختلف الملفات والمحاضر والشكايات التي يمكن أن يكون الشاهد الماثل أمامها قد سبق وأن أدلى فيها بشهادته”.

آلية فعالة لضبط الشهود

يعتبر أستاذ القانون الخاص بجامعة ابن زهر بأكادير، عبد الحميد اليعقوبي، أن “تفعيل هذه الآلية للقضايا الزجرية ساج2، فيه مساعدة قوية للقضاء المغربي من حيث أنه يتم التعرف على مجموعة من الشهود ممتهني شهادة الزور”.

وقال اليعقوبي، في تصريحه لـ”سكاي نيوز عربية”: “الواقع أن مجموعة من المحاكم تعجّ بأشخاص مهنتهم هي تقديم الشهادة لمن يدفع مقابلا ماديا”.

لهذا، “فتفعيل هذه الآلية سيمكن القضاء من ضبط جميع الأشخاص الذين سبق لهم من قبل أن قاموا بتقديم شهادتهم في قضايا معينة؛ نتحدث هنا خصوصا عن القضايا الزجرية، باعتبار هذه القضايا تضيع معها حقوق الناس، إذ يكون فيها سجن واعتقالات وعقوبات كثيرة يضيع جرّاءها مجموعة من الضحايا”، يردف المتحدث.

وأوضح أستاذ القانون الخاص أنه ستكون لهذه الآلية الرقمية “فعالية من خلالها نستطيع التعرف على هؤلاء الأشخاص، وبالتالي يمكن استبعادهم من الشهادة من جهة، ثم من جهة ثانية يمكننا متابعتهم على أساس تقديمهم لشهادة الزور، خصوصا عندما تتكرر هذه الشهادات التي يدلون بها”.

خطوة يجب تأطيرها تشريعيا

ويرى المحامي بهيئة تطوان، عبد البر منديل، أن “خطوة اعتماد الآلية الرقمية المعلن عنها، مستجد مهم للغاية يجب تأطيره تشريعيا ليكون آلية قانونية عن طريق النص عليه في تعديلات قانون المسطرة المدنية والجنائية والمشروع الجديد المتعلق برقمنة الإجراءات القضائية”.

ودعا منديل، في حديثه لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، إلى “إتاحة هذه الإمكانية فعليا أمام السادة العدول والضابطة القضائية وقضاة التحقيق وقضاة الحكم وكتابة الضبط، مع تكوينهم، علاوة على مدّهم بمعلومات كل شاهد قام بالإدلاء بشهادته أمام المتلقين المذكورين لتكوين قاعدة بيانات تتطور وتنمو، ويتم تحيينها بشكل دائم، زيادة على تنقيح وتفعيل النصوص الزجرية المتعلقة بشهادة الزور وربطها بالمستجد المذكور”.

ولفت المحامي بهيئة تطوان، إلى أن “إجراءات تحقيق الدعوى المدنية والإثبات الجنائي والتوثيق الشرعي، تعتمد في جزء كبير منها على الاستماع للشهود، الأمر الذي يفرض على منظومة العدالة إكراهات عديدة تتمثل في ما يعرف بشهود الزور أو محترفي الشهادة الذين يرابط بعضهم أمام المحاكم لعرض خدماته”.

شهادة الزور تسيء للقضاء

وتسيء ظاهرة شهود الزور بشكل كبير إلى منظومة العدالة المغربية، وتكثر هذه الشهادات خصوصا في القضايا التي تتعلق بالأحوال الشخصية والأسرية، وفي قضايا تتعلق بالخصومة والنزاعات حول ملكية العقارات.

وأفاد رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، بأن “قضية شهود الزور من أسوأ الظواهر التي تسيء إلى سمعة ونزاهة القضاء المغربي، والآلية الجديدة المتعلقة بضبط شهود الزور عن طريق بطاقة الهوية، مهمة لكنها جاءت متأخرة”.

وتابع الخضري، في اتصاله بـ”سكاي نيوز عربية”، أن “العملية تقنيا متاحة جدا ومنذ زمن بعيد، يكفي أن تتحقق الإرادة لردع الظاهرة”.

وتساءل الفاعل الحقوقي، عن السبب في “عدم ضبط شهود الزور من خلال مراجعة الملفات التي أغلقت خلال أربع سنوات التي مضت على الأقل، لأنه سيكون من السهل ضبطهم وإحالتهم على القضاء بدل الانتظار حتى يتورطوا في ملفات جديدة ويتسببوا في ضحايا جدد”.