بالريشة والزيت.. موريتانيات يسخرن الفن لخدمة قضايا المرأة

واكتشفت رقية موهبتها في الفن التشكيلي أثناء فترة الحجز التي فرضتها جائحة فيروس كورونا عام 2020.

واقتصرت بدايات رقية في هذا المجال، على رسم الأشكال، قبل أن تتبلور لديها فكرة “مشروع فنانة” تناصر القضايا، وعلى وجه الخصوص المرأة.

 وعبرت رقية خلال مشاركتها في المعرض، عن قوة المرأة الموريتانية، وصمودها أمام كافة الظروف، حيث جسدت إحدى اللوحتين، إمرأة بست أياد، تمسك في آن واحد، القلم بيد، وأخرى بطفل، ومكنسة بيد أخرى، وآلة طبخ في اليد الرابعة، في حين تمسك بالباقيتين مدقة المهراس.

وتجسد اللوحة الأخرى، امرأة تمر بحالة اكتئاب وحزن، وتوحد، تدعو من خلالها إلى مراعاة الظروف التي تمر بها المرأة.

وتقول رقية لموقع “سكاي نيوز عربية”: “دائما أحاول من خلال أعمالي، تسليط الضوء على قضايا المرأة الموريتانية، حتى يرى الجميع القوة التي تكمن فيها. لدي عدة رسائل أخرى أحاول إيصالها من خلال الفن التشكيلي، وستعرض قريبا.”

 المشاركة في المعارض، تشكل فرصة كبيرة لممارسي هذا المجال، لإيصال رسائلهم، وللتأكيد أن الفن التشكيلي قضية، خاصة في مجتمع يرى معظمه أن الرسم لا يعدو كونه نوعا من مضيعة الوقت، بحسب الفنانة التشكيلية مريم بنت أحمد داداه.

وتوضح مريم لـ”سكاي نيوز عربية”، أنها اكتشفت موهبتها في هذا المجال عام 2018. وتشير في حديثها إلى أنها نذرت ريشتها “لأكثر القضايا التي تعاني منها أغلب المجتمعات العربية وخاصة موريتانيا”، في إشارة منها إلى “العنف ضد المرأة”.

وتقول مريم: “لدي لوحة تتحدث عن العنف المنزلي “ضرب النساء”، وهو من أكثر الظواهر انتشارا في المجتمعات الإفريقية للأسف، ولدي واحدة أخرى تتحدث عن ظاهرة اغتصاب الفتيات، وإزهاق أرواحهن، وهن في مقتبل العمر”.

يحتاج لفتة

وتؤكد مريم في حديثها لسكاي نيوز عربية، أن “الفن التشكيلي يحتاج لفتة كبيرة”، مشيرة إلى أن “ممارسته هنا أشبه بمخاطبة شخص بلغة لا يفهمها”.

وتضيف: “الفن التشكيلي إذا ما تأملناه جيدا، وجدناه أصدق ترجمة للأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وأبلغ التعابير عن واقع الشعوب”.

من جهتها تقول الفنانة حنان بنت عثمان (23 عاما)، إن الجدران الموريتانية، لا تتزين إلا باللوحات التي تتعلق “بالطبيعة، والتراث”.

 وتضيف بنت عثمان لسكاي نيوز عربية: “نادرا ما يهتم الموريتانيون باللوحات التي تتعلق بقضايا المرأة”، مشيرة إلى أن تلك اللوحات، لا يمكن تسويقها إلا في الدول المجاورة، على غرار السنغال، والمغرب العربي”.

ولفتت في تصريحها الخاص، إلى أن هناك، “اهتماما ضئيلا من طرف بعض الفنادق، والمطاعم، بتلك اللوحات، خلال الآونة الأخيرة”.

ومن أبرز أعمال بنت عثمان في هذا المجال، لوحتا “هي”، التي تجسد امرأة تنزف الكثير من الدماء، محاطة بأنواع الزهور، في إشارة منها إلى أن المرأة مهما كانت في أي مكان، ستكون ضحية “الاغتصاب والتحرش، و”عين الصحراء”، التي تجسد أن المرأة الموريتانية “لا دور لها في الحياة، سوى الزواج، والبقاء في الخيمة”، بسبب النظرة الذكورية التي تطغى على المجتمع.

 وصلن إلى العالمية
ومن بين الفنانات اللاواتي نذرن ريشاتهن لمحاربة العنف بالفن، مني بنت الدف التي تبلغ من العمر 19 عاما.

وتنحدر مني من عائلة تمارس الفن التشكيلي، الأمر الذي جعلها تكتشف شغفها بهذا المجال، منذ نعومة أظافرها.

وشاركت مني في عدة مسابقات دولية ومحلية، قبل أن تنظم معرضها الخاص، الذي خصصته لعرض رسائلها عبر هذا الفن.
وتتحدث إحدى لوحاتها، عن قسوة زواج القاصرات، حيث تظهر فتاة صغيرة في ثوب العروس، وبكامل زينتها التقليدية التي طغى عليها البكاء بحرقة، بسبب إجبارها على الزواج.

وحصدت مني جائزة في مسابقة الرسم، نظمتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، توجتها بخطاب في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

وتقول مني لموقع سكاي نيوز عربية:
“لدي عدة رسائل أوجهها من خلال الرسم، لكنني أركز بشكل خاص على قضايا المرأة الموريتانية، والمشاكل التي تعاني منها.

أطمح من خلال هذا الفن، إلى إيصال رسائل المرأة، وثقافتها للعالم، بالإضافة إلى المشاكل التي يعاني منها القصر في هذا الحيز الجغرافي.”

وتحاول الفنانات التشكيليات في موريتانيا، تسليط الضوء على هذا الفن، من خلال إقامة معارض، خصصنها لقضايا المرأة.
وتتراوح أسعار اللوحات، بين 200 دولار، و300 دولار أمريكي، لكنها لا تشترى في أغلب الأحيان.

وتوضح الفنانة خولة الشيخ لحبيب الأسباب وراء ذلك “أن المجتمع الموريتاني، ليس “مجتمعا بصريا”، مشيرة إلى أنه “لم يستوعب حتى الآن أهمية الصورة بشكل عام”.

وتقول خولة لسكاي نيوز عربية: “الفن التشكيلي بدأ يحظى مؤخرا بلفتة رسمية، لكنه مازال يتطلب الكثير لبلوغ الأهداف المنشودة منه”.

وتشير في حديثها إلى أن أبرز القضايا التي تناولتها، “هي المرأة”، وقضايا “الإنسانية “بشكل عام”.