عظمة سبتمبر ومخلفاتها المأساوية

بقلم / ماجد عبدالله

يحتفل شعبنا بالذكرى الـ57 لثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة، التي انتصرت فيها إرادة الوطن شماله وجنوبه، تلك الثورة التي نسفت كل معاني الظلم والإستبداد والقهر والتمييز، وحطمت طموحات القوى الظالمة والمستكبرة، واسترد فيها شعبنا قراره وكرامته وسيادته، للعيش بحرية واستقلال، في حياة كريمة تكفل حقوق الإنسان وتلتزم بالدساتير والقوانين الديمقراطية المستقاة من المبادئ والثوابت الدينية السمحاء.

وتأتي هذه المناسبة التي حفرت في قلوب كل اليمنيين، والبلد يعيش حالة شتات وفرقة وتحولات ضبابية تقودنا إلى عالم مجهول، بالتزامن مع وجود تناقضات كل أهداف تلك الثورة الخالدة، التي كُتبت  بدماء أبطالها ومناضلوها الأشاوس من كل شبر في هذا الوطن المعطاء.

وبينما أنا أستحضر في ذاكرتي كلمات الشاعر عباس الديلمي، التي تردد في كل مكان – نحن قد ثرنا وحققنــا السـلام.. لم يعـد للظلـم في أرضي مقام.. لم يعد فينا خـــؤونٌ أو عميلٌ أو ظلام- إذ تعتريني رغبة جياشة لاستحضار التاريخ الذي خلده أولائك الأبطال، كيف كانوا يذودون عن الوطن حفاة؟ يحملون بأيديهم الكفن والبندقية، وفي مخيلاتهم يرسمون للأجيال القادمة مستقبلا حافلا بالحرية والكرامة والعدل والمساواة، وفي سبيل ذلك قدموا أرواحهم رخيصة لنعيش نحن، كيف لا نخلدهم وهم من بذلوا حياتهم لنحيا بعزة وإباء.

نعم لقد وهبوا أرواحهم للوطن، بيد أن من جاءوا من بعد تلك الثورة الخالدة، لم يعملوا للوطن بما يليق بتلك التضحيات التي قدمها أولائك بقدر ما تحولوا إلى تجار ولصوص بكل ماتعنيه الكلمة، وبعد إن كنا قد تخلصنا من مستبد ومستعمر واحد، إذ بنا في هذا الوقت نغرق في مئات بل آلآف المستبدين والجبابرة والمستعمرين، وهاهم يتصارعون على نفوذ الحكم، ويتقاتلون ليس لخدمة المواطنين والمسحوقين تحت مطارق العيش، وثاروا عكس تيار 26 سبتمبر، للبحث عن مصالحهم هم ومن يقبعون معهم في بلاط صاحبة الجلالة، لم يحفظوا أمانة الثورة وفكرها النير ولم يعملوا بأهدافها، بل كرسوا لغة العنف والتحريض والكراهية والتكفير، ليتحول معظمهم إلى أدوات للنيل من الوطن وأبنائه ومقدراته.

ثمن الحرية والمساواة غالٍ جدا، فعندما كان الشعب صامتا قبل حدوث هذه الثورة السبتمبرية، لم يكن خاضعا، وما شرارته الأخيرة التي صنعت التحولات على الأرض، إلا دليلا واضحا، على مدى قوته لاجتثاث الظلم والإستبداد والإستعمار، والتمييز العنصري والطائفي والمناطقي والعرقي في أي لحظة.. البقاء للوطن، ولا نامت أعين الطغاة والمرتزقة والعملاء.