بدا خائفا.. فيديو مريب للمتحدث باسم ضحايا انفجار بيروت

بفيديو لافت ومريب في آن ظهر المتحدث باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط، مطالباً بتنحية المحقق العدلي طارق بيطار المكلف بالتحقيق في الانفجار المروع الذي هز العاصمة اللبنانية في الرابع من أغسطس العام الماضي، متهماً إياه بأنه “مسيس”.

وفي بيان مكتوب تلاه حطيط، أعلن أنه سيغادر موقعه في لجنة أهالي الضحايا، فيما ظهر متوتراً ونظر أكثر من مرة إلى الأعلى وكأن أشخاصاً يقفون في الجهة المقابلة.

ترجيحات بتعرضه للتهديد

بالتزامن ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان مساء أمس الجمعة بالمقطع المصور، حيث علق المئات على الفيديو مرجحين تعرض حطيط للتهديد لا سيما وأنه كان أعلن سابقاً عن تعرضه للاعتداء من قبل عناصر من حركة أمل (حليف حزب الله) وعناصر من حرس قصر عين التينة، مقر رئاسة مجلس النواب، فيما شكك بعض أهالي الضحايا بهذه التصريحات ورجحوا أن يكون حطيط قد صور المقطع تحت التهديد.

كما رجح ناشطون أن يكون حطيط “في موقع الرهينة” نتيجة تعرضه لتهديد ما بالرغم من نفيه الأمر.

تصريحات معاكسة صباحاً

إلى ذلك، طلب بعض أهالي الضحايا عدم تداول فيديو حطيط، معتبرين أن موقفه نابع من ضغوط تعرض لها، والهدف شق صفوف الأهالي وتفريقهم.

من جهته قال وليام نون، شقيق جو نون أحد ضحايا الانفجار، في اتصال مع قناة “الحدث” اليوم السبت، إن حطيط لم يتواصل مع الأهالي منذ ظهر أمس الجمعة، مؤكداً أنه تحدث لصحيفة الأنباء صباح أمس مدلياً بتصريحات معاكسة تماماً لما قاله في الفيديو الأخير.

لا يستطيعون التواصل معه

كما أضاف نون أن هذا ليس كلام حطيط والأهالي لديهم شكوك كبيرة بما يخص ما صدر عنه ويطالبون الأجهزة الأمنية بالتدخل لمعرفة إن كان أي ضغط أو تهديد مورس عليه ليتلو بياناً كهذا.

كذلك أكد أن الأهالي حاولوا كثيراً التواصل معه منذ مساء أمس وحتى اليوم، إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إليه.

وشدد على أن أهالي الضحايا خائفون على سلامة حطيط والتي هي أولوية بالنسبة لهم قبل أي حديث عن تحقيق أو قضاء.

كما لفت نون إلى أنه من غير الممكن أن يتحدث أي أحد باسم الأهالي دون المناقشة فيما بينهم. وأوضح قائلاً: “نحن جميعاً كأهالي تحت سقف القانون ومع القاضي بيطار وندعمه”.

بيان للأهالي

وأصدر أهالي الضحايا بياناً في وقت لاحق اليوم أكدوا فيه أنهم وضعوا ثقتهم بطارق بيطار، ومن ضمنهم إبراهيم حطيط الذي كان خطابه على الدوام يصب بهذا الاتجاه، لافتين إلى أنه يبدو أن ظروفاً مستجدة أدت به إِلى إصدار بيانه الأخير المستغرب باسمهم، علماً أن هذا الموقف لا يمثلهم أبداً.

كذلك شددوا على أنهم ثابتين على مواقفهم السابقة فيما يخص الثقة التي أولوها لبيطار لتولي التحقيق بالقضية.

يشار إلى أن لجنة أهالي الضحايا نشطت بعيد الانفجار في اعتصامات واحتجاجات تصعيدية ووقفات شهرية، رافعة الصوت من أجل تحقيق العدالة.

اشتباكات بيروت

والجدير بالذكر أن اشتباكات عنيفة اندلعت، الخميس، في العاصمة اللبنانية، ذكّرت بسنوات الحرب الأهلية وأتت على وقع توتر سياسي مرتبط بمسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

وشهدت بيروت واحدة من أعنف المواجهات منذ سنوات في تصعيد خطير يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة بعد أكثر من شهر فقط على تشكيل حكومة يفترض أن تركز عملها على وضع خطة لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتحكمة بها منذ أكثر من عامين. كما أسفرت الاشتباكات عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 32 آخرين بجروح.

عناصر من الجيش اللبناني في بيروت يوم 15 أكتوبر

عناصر من الجيش اللبناني في بيروت يوم 15 أكتوبر

رصاص كثيف وقذائف ثقيلة

وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل في العاصمة، حيث مكتب المحقق العدلي طارق بيطار المكلف بالتحقيق في انفجار المرفأ، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشاراً سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).

أما شرارة العنف هذه فبدأت بعد أن تجمع عناصر موالون لحزب الله وحركة أمل (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) أمام قصر العدل للاحتجاج ضد بيطار والمطالبة بعزله.

أنصار حركة أمل وحزب الله قرب قصر العدل في بيروت يوم 14 أكتوبر (رويترز)

أنصار حركة أمل وحزب الله قرب قصر العدل في بيروت يوم 14 أكتوبر (رويترز)

ويسيطر منذ مساء الخميس هدوء على منطقة الاشتباكات وسط انتشار كثيف للجيش، ونصبه حواجز تفتيش للسيارات والآليات العابرة. وحتى الآن اعتقل الجيش 19 شخصاً لصلتهم بهذه الأحداث.

رأس حربة

يشار إلى أنه منذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ونواب ووزراء سابقين، بينهم نائبان عن حركة أمل، ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.

طارق بيطار

طارق بيطار

وتنتقد قوى سياسية عدة مسار التحقيق العدلي، لكن حزب الله وحليفته حركة أمل يشكلان رأس حربة هذا الموقف الرافض لعمل المحقق العدلي في قضية انفجار عزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزينها.

كذلك اندلع خلاف داخل الحكومة الثلاثاء مع إصرار نواب حركة أمل وحزب الله على تغيير المحقق العدلي مهددين باللجوء إلى الشارع. وجاء ذلك بعد إصدار بيطار مذكرة توقيف غيابية بحق وزير المال السابق والنائب الحالي عن حركة أمل علي حسن خليل. ويرفض الحزبان أن تعقد الحكومة أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبحث في الموقف من المحقق العدلي في الانفجار الذي أودى بنحو 215 شخصاً وإصابة 6500 آخرين.